السيكوسوماتيك

السيكوسوماتيك Psychosomatic
يعانى كثير من المرضى النفسيين من أعراض عضوية(جسدية) مختلفة قد تفوق هذه الأعراض الأعراض النفسية وفي كثير من الأحيان قد تكون هي السبب الرئيسي في استشاره الطبيب.
وقد تبقى أعراضا جسدية أو تتحول مع الزمن إلى أمراض عضوية حقيقية.
فكثيرا ما يشكوا المرضى النفسيين من صداع قد يشبه صداع الشقيقة أوآلام في العنق أوالظهراو بالمفاصل بل وأحيانا آلام في الجسم كله.
وقد يعاني بعض المرضى النفسيين من عسرة بلع أو غصة بالحلق أو آلام بالبطن وانتفاخ اوعسر هضم اواقياء أوإمساك أو إسهال ولربما وصل الأمرالى التهابات المعدة أوقرحة المعدة أوالأثنى عشر أو القولون. وقد يعاني البعض من آلام الصدر مع ضيق في التنفس وخفقان في القلب مما يشتبه فيه أنه أزمة قلبية أو أزمة ربو شعبي مما قد يؤدي بالمريض إلى دخول مستشفى وقضاء عدة أيام في الرعاية المركزة و إجراء فحوصات عديدة مثل تخطيط القلب وإيكو القلب بل وقسطرة القلب التي تأتي نتائجها سلبيه. وليس نادرا ما يعاود المريض الكرة.
وكثيرا من المرضى النفسيين يعانون من إحساس بالتعب الشديد خاصة عند الاستيقاظ من النوم صباحا و سرعة الإحساس بالتعب عند بذل أي مجهود. هذا الإحساس بالتعب حقيقي وكثيرا ما يعيق المريض في حياته وعمله. وكثيرا ما يلجأ المرضى لتعاطي الفيتامينات والمعادن مثل الحديد والأدوية المقوية بلا جدوى.
ويعاني كثير من المرضي النفسيين من ضعف التركيز والنسيان مما يدعوهم إلى إجراء فحوص على المخ مثل رسم المخ والأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي. وإذا كان المريض من كبار السن وأظهرت هذه الفحوصات أي أثار لجلطه أو ضمور في حجم المخ مما قد يوجد بكثرة في هذا السن قد تفسر هذه الأعراض على هذا الأساس ولا يشخص المرض النفسي ولا يعالج. وكثيرا ما يوصف لهؤلاء المرضي الأدوية المنشطة لخلايا المخ والمنشطة للذاكرة ولكن مفعولها يكون محدودا.
وقد تعاني بعض النساء من آلام مبرحة قبل أواثناء الدورة الشهرية.
وقد يعاني بعض المرضى من ارتجاف الأطراف خاصة الأيدي, الشعور بالدوخة.
من الشكاوي أيضا الإحساس بضرورة تكرار التبول ولربما الاحتباس البولي وأيضا الأعراض الجنسية كضعف الانتصاب أو سرعة القذف.
وقد يعاني بعض المرضى من حكة جلدية مجهولة السبب وقد يصل الأمر إلى اندفاعات جلدية ترتبط بأمراض مشهورة كالصدفية أوالأكزيما وقد يعاني البعض من تساقط الشعراو حب الشباب أو البهاق.
ومن أشهر الأمراض العضوية التي ربما تكون على خلفية نفسية الداء السكري و فرط نشاط الغدة الدرقية.ارتفاع التوتر الشرياني.

أيضا هناك نوع أخر وهو
توهم المرض (Hypochondriasis)
هو انشغال مفرط بخصوص الصحة، يركز فيه الفرد على عضو أو أكثر من جسمه، ويفسر أبسط علامات التغير فيه بشكل مهول ومبالغ فيه، بأنه دليل على مرض خطير مصاب به أو سيصاب به. ولا يكف عن هذا الانشغال والهِّم اليومي حتى لو أثبتت الفحوصات الطبية بأنه سليم معافى.

والنوع الأخر الذي لابد من ذكره هو
اضطراب التحويل : (Conversion Disorder)
يعّرف هذا الاضطراب بأنه فقدان أو تغيّر في الوظيفة الجسمية من دون وجود سبب بدني ظاهر . بمعنى أن الفرد يظهر عليه فقدان في جهازه الحركي أو الحسي أو تغير في الوظائف الفسيولوجية لعضو أو أكثر من أعضاء جسمه ، في غياب وجود سبب بدني أو عضوي واحد
والحالات التي يتبدى فيها هذا الاضطراب كثيرة ومتنوعة مثل : الشلل بأنواعه (شلل يد ، رجل ، إصبع .)، ، العمى الجزئي أو الكلي، الصعوبة في الكلام، فقدان السمع الجزئي أو الكلي، وما إلى ذلك.
وفي الحقيقة فلأن الجهاز العصبي للإنسان متصل بكل أعضاء الجسم فإن الأمراض النفسية يمكن أن تؤثر علي أي عضو من أعضاء الجسم والعضو المتأثر يكون على حسب استعداد الإنسان. فمثلا قد يعاني شخص من ارتفاع ضغط الدم ويعاني آخر من ارتفاع السكر أو صداع.

والاضطرابات السيكوسوماتية لاتقل خطورة عن الأمراض العضوية حيث أنها قد تؤدى إلى أخطاء طبية في التشخيص و العلاج حيث تكون أعراضه مشابهة للأعراض العضوية الحقيقية
و المريض بهذه الاضطرابات يتردد كثيراً على مختلف العيادات والأطباء ويخضع للعديد من الفحوصات والتحاليل ويتناول كثير من العلاجات هو ليس بحاجة لها و بدون نتيجة مشجعة مما يزيد من خوفه وتوتره وقد يؤدي قلقه إلى زيادة شدة الاضطراب الذي يشكو منه .

تفسير كيفية حدوث الأمراض السيكوسوماتية( النفس- جسمية):
كيف يتسبب الانفعال الحاد أو الانفعال المستمر تهتكاً في جدار الأمعاء أو المعدة أو تمدداً في شرايين الجبهة مع حدوث صداع نصفي مؤلم أو.. أو.. إلى آخر قائمة الأمراض النفس جسمية .
لنجيب عن ذلك يجب أن نتعرف على مكان مهم في المخ يعرف باسم المهاد التحتاني أو الهيبوثلاموس و هو مركز الانفعال و هو متصل بدوائر تشريحية و فسيولوجية مهمة في المخ .
و الهيوثلاموس هو جهاز استقبال وإرسال يستقبل الشحنات الانفعالية من الجهاز الطرفي ثم يرسلها (و الإرسال يتم من خلال الجهاز العصبي اللاإرادي بفرعيه السيمبثاوي ونظير السيمبثاوي) إلى أجهزة الجسم المختلفة على شكل نبضات عصبية ، أوعلى شكل إفرازات هرمونية كهرمون الأدرينالين إلى مجرى الدم لتعبر عنها كل هذه الأجهزة المختلفة كل منها بطريقتها الخاصة فيتم التعبير عن هذا الانفعال من خلال صورة عضوية مثل:
*حركات غاضبة للمعدة مع ازدياد إفراز حمض كلور الماء فيتعرض المريض للإصابة بالقرحة
* انقباضات مفاجئة في أجزاء من القولون مع ترهل في أجزاء أخرى فتحدث آلام الإنتفاخات و القولون العصبي .
* انقباضات مفاجئة بالشرايين مما يؤدى إلى ارتفاع ضغط الدم و نقص كميات الدم المغذية للأعضاء فيتعرض القلب للخطر و يشعر الإنسان بآلام الذبحه.
* تمدد شرايين الدماغ بعد فترة من الانقباض مما يؤدى إلى حدوث الصداع النصفي.
* اختلال أجهزة المناعة و التي قد تؤدي إلى ضيق التنفس أو إلى الأرتيكاريا .
* اختلال الهورمونات فتحدث آلام فترة ما قبل الدورة الشهرية.
ولكل إنسان درجة أو نقطة احتمال فوقها يحدث اضطراب في العضو الذي تحمل العبء الأكبر في التعبير عن الانفعال ، فيئن الإنسان من قولونه المنتفخ أو من جلده الملتهب أو من سرعة ضربات قلبه و ضيق تنفسه بينما هو في الحقيقة يئن من أعبائه النفسية .
و إصابة إنسان دون آخر بهذه الأمراض يعتمد على التكوين الخاص لهذا الشخص فهناك إنسان مهيأ للإصابة بالمرض العضوي نتيجة للضغط النفسي دون آخر و هناك عضو ضعيف في كل منا، عضو يتأثر أكثر بالإجهادات النفسية.

لذا على كل من المريض والطبيب دور مهم في اكتشاف تلك الاضطرابات فلا بد من توعية المرضى أن هناك ما يسمى باضطرابات نفسية تتحوٌل بشكل لا شعوري إلى اضطرابات عضوية

كذلك على الطبيب أن يأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية والظروف الاجتماعية المصاحبة لظهور المرض أو السابقة له عند أخذ التاريخ المرضي للمريض والأهم من ذلك تحديد الشكوى هل هي عضوية أم نفسية أم يوجد المركبان معا فالفهم الصحيح للحالات يساعد على التشخيص الصحيح ومن ثم اختيار العلاجات المناسبة و وضع خطة علاجية ذات طرف عضوي و آخر نفسي

علاج الأمراض النفس- جسمية:

يعتبر استخدام الأدوية التي تخفف من آثار الشد العصبي و القلق هو الخط الأساسي في علاج هذا النوع من الأمراض و تساعد أعضاء الجسم المختلفة على أداء وظيفتها بصورة جيدة بعد إزالة آثار الشد العصبي, بالإضافة إلى العلاجات العضوية المناسبة لحالة المريض على حسب العضو المتأثر .
خلاصة القول أن المرض هو حالة تنتاب الجسد والنفس، وقد تعاني النفس فيستجيب الجسد بالمرض العضوي، وقد يعاني الجسد فتعاني النفس من الاكتئاب والقلق . والنفس والجسد هما تعبيران مختلفان متكاملان عن الإنسان الواحد ويجب النظر اليهما معا عند علاج المرض، ولكن الجسد الضعيف هو الذي يدفع دائما ثمن سمو النفس ومعاناتها، أو كما قال ابو الطيب المتنبي :
"إذا كانت النفوس كبارا .. تعبت في مرادها الأجسام" ..
فهل ترحم النفوس الأجساد

د.يوسف السيد حسين
موضوع نشر بمجلة مستشارك النفسي التي تصدر بمنطقة جيزان

يعطيــــك العافية خالــــــي ***** شـــــــــكــــــــرا ****

أشكرك دكتور على هذا الموضوع :

وفي الواقع كما تعلم طبيعة عملنا في الغربة خاصة مجال المبيعات حيث أن حديثنا الدائم يدور حول لغة الأرقام وهذا ما أدخلني بالمزيد من التوتر فحدثت معي اضطرابات قلبية ، وتشنج قولون وغيرها .....
فالمرض تحوّل إلى عضوي ، لكن أسبابه الرئيسية هي نفسية بحتة .
بالنتيجة هذه دعوة مني للجميع لتجنب التوتر العصبي ( لأنه أكبر الآفات النفسية ) التي يمكن أن تتحول إلى أمراض بالغة الخطورة .
حفظنا الله وإياكم وجميع المسلمين من الأمراض النفسية والجسدية .
**** أمن يجيب المضطّر إذا دعاه ويكشف السوء *****
اللهم عافي كل مريض بحق محمد وآل محمد .
تقبل تحياتي

شكرا د. محسن على مرورك وعلى التنسيق