البلاغة العربية

قسم اللغة العربية : سنة أولى
محاضرة رقم (1)

مجمع السيدة رقية عليها السلام
البلاغة العربية
علم البيان
تعريف البيان لغةً واصطلاحاً :
البيان لغةً : الكشف والإيضاح .
اصطلاحاً : هو علم يُعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة .
موضوعات علم البيان :
1- التشبيه ومنه الاستعارة.
2- المجاز . 3- الكناية .
التشبيه : لغةً : التمثيل .
اصطلاحاً : 1- ورد له تعريفات كثيرة , فهو عند الرماني : العقد على أن أحد الشيئين يسد مسدَّ الآخر في حسٍّ أو عقل .
2- وعند ابن رشيق : صفةُ الشيء بما قاربه وشاكله من جهة واحدة أو جهات كثيرة لا من جميع جهاته لأنه لو ناسبه مناسبة تامَّة لكان إيّاه .
3- وعند القزويني : هو الدلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى .
4- من هذه التعريفات نجد أن التشبيه هو مشاركة شيء لشيء بصفة أو أكثر , وهو أساس من أسس البلاغة .
أركان التشبيه : للتشبيه أربعة أركان هي : المشبه والمشبه به وأداة التشبيه ووجه الشبه .
س : لماذا يسمى المشبه والمشبه به طرفي التشبيه الأساسييّن؟
ج : لأنه لا يجوز حذفهما أو حذف أحدهما من أسلوب التشبيه , أمّا الأداة أو الوجه فمن الممكن حذفهما أو حذف أحدهما .
مثال : زيد كالأسد في الشجاعة , نلاحظ أن زيد والأسد هما الركنان الأساسيان وإذا حذف أحدهما فإن العبارة لا تُفهم , وإذا حذفت الأداة تصبح : زيدٌ أسدٌ في الشجاعة , وربما حذفت الوجه وقلت : زيد كالأسد , وربما حذفتهما معاً , وقلت زيدٌ أسدٌ .
أداة التشبيه :
وهي الرابط بين المشبه والمشبه به ولا بد منها في أسلوب التشبيه , مذكورة أو مقدّرة أو مراداً معناها , يدخل تحت هذا الرابط كل ما أفاد تشبيهاً من الحروف ( الكاف وكأنّ ) , والأسماء ( مثل , مثيل , شبيه , نظير , صنو ) ومن الأفعال ( يشبه, يماثل, يحاكي, يضاهي , يشابه .....)
س : هناك فروق بين الكاف وكأنّ . اذكرها مع الأمثلة .
1- أنّ الكاف يليها المشبه به مباشرة , قال الشاعر :
أنت كالشمس في الضياءِ وإن جــا وَزتَ كيوانَ في علوِّ المكانِ
أمّا كأنّ فيليها المشبه , قال التهامي في رثاء ابنه :
و كأنّ قلبي قبره و كأنّه في طيّهِ سرٌّ من الأسرارِ
2- أنَّ الكاف دائماً تدل على التشبيه , أمّا كأنَّ فلا تدل على التشبيه إلا إذا كان خبرها جامداً , كقولك : كأنّ زيداً بحرٌ, فإذا كان مشتقّاً لم يُعطِ معنى التشبيه وإنما يعطي معنى ظننتُ أو توهّمتُ كقولك : كأنَّ زيداً قائمٌ .
3- إنّ الكاف أخف تشبيهاً من كأنَّ , قال القرطاجنّي : تستعمل كأنَّ حيث يقوى الشبه حتى يكاد الرائي يشكُّ أنَّ المشبّه هو المشبَّه به أو غيره, لذلك قالت بلقيس : ( كأنَّه هو ) .
4- إنّ الكاف بسيطة وكأنّ مركّبة من إنَّ وكاف التشبيه التي دخلت عليها فتحت همزتها, وثمّة أفعال أخرى تفيد معنى التشبيه مثل خلت حسبت علمت, قال الشاعر :
قومٌ إذا لبسوا الدروعَ حسبتها سُحباً مزرّدةً على أقمارِ
أقسام التشبيه بالنظر إلى أداته :
التشبيه بالنظر إلى الأداة قسمان : مرسل ومؤكد .
1- المُرسل : هو الذي ذكرت فيه الأداة, كما في قوله تعالى : ((الزجاجةُ كأنَّها كوكبٌ دريّ)).
2- المؤكد : هو الذي حذفت منه الأداة , حذفت من الذكر لكنها مقدّرة في نفس المتكلم , كما قال الشاعر :
فأنت غمامٌ و الزمان خميلةٌ وأنتَ سنانٌ والزمانُ قناةُ
مشبّه مشبّه به وجه الشبه
والتشبيه المؤكد أبلغ من المرسل وأوجز , أوجز لحذف أداة التشبيه منه .
وجه الشبه :
هو المعنى المشترك بين المشبه والمشبه به , أو هو الوصف الخاص الذي يشتركان فيه تحقيقاً أو تخييلاً , تحقيقاً : مثل تشبيه الرجل بالأسد , فالشجاعة هي المعنى المشترك بين الرجل والأسد ,
تخييلاً : فتقوم المخيلة في جعل ما ليس محققاً محققاً , نحو تشبيه السيرة بالمسك والأخلاق بالعنبر
وجه الشبه المفرد والمتعدد :
قد يكون وجه الشبه مفرداً وقد يكون متعدداً , فنقول مثلاً : زيدٌ مثل أبيه شجاعةً وحنكاً وخلقاً وأدباً . قال الشاعر :
مثلُ الغرابِ بدا يباري صَحبَهُ بسوادِ صبغتِهِ وحُسْنِ قوامِهِ
وجه الشبه في البيت أكثر من واحد : سواد صبغته وحسن قوامه .
أقسام التشبيه بالنظر إلى وجه الشبه :
1- المفصَّل : إذا ذكر الوجه , كما في قول المتنبي :
فتىً كالسحاب الجَونِ يُخشى ويُرتجى يُرجَى الحيا منها وتُخشى الصواعق
ملاحظة : التشبيه تام الأركان هو نفسه المُرسَل والمُفصَّل .
2- المجمل : إذا لم يذكر الوجه , مثل قول الشاعر :
وكأنَّ إيماض السيوف بوارقٌ وعجاجَ خيلهِمُ سحابٌ مظلمُ
مشبّه مشبّه به
وجه الشبه محذوف وهو السرعة والخفاء .
3- التمثيل : إذا كان وجه الشبه منتزعاً من متعدد, قال عبد القادر الجرجاني في التشبيه والتمثيل : " كل تشبيه تمثيل وليس كل تمثل تشبيهاً " , والتشبيه على ذلك نوعان :
أ‌- تشبيه غير تمثيلي : وهو ما كان فيه وجه الشبه أمراً بيّناً .
ب‌- تشبيه تمثيلي : وهو ما كان وجه الشبه فيه منتزعاً من متعدد , كقوله تعالى :
(( مثلُ الذينَ ينفقونَ أموالَهُمْ في سبيلِ اللهِ كَمَثَلِ حبةٍ أنبتتْ سبْعَ سنابِلَ في كلِّ سنبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ واللهُ يضاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ واسِعٌ علِيمٌ ))
لم يؤخذ وجه الشبه من لفظ وإنما أُخِذَ من مجمل صورة الطرف الأول ومجمل صورة الطرف الثاني , لذلك عرّفَ بعض البلاغيين تشبيه التمثيل بأنه تشبيه صورة بصورة .
أنواع التشبيه :
1-التشبيه البليغ : هو التشبيه الذي حذفت منه الأداة والوجه, مثال : زيدٌ أسدٌ .
وهو أعلى مراتب التشبيه في البلاغة . قال الشاعر :
فالأرضُ ياقوتةٌ والجوُّ لؤلؤةٌ والنبتُ فيروزجٌ والماءُ بلَّورُ
2-التشبيه الضمني : هو التشبيه الذي لا يظهر فيه الأساسيان صريحين , وإنما يُلمحان من التركيب ويُفهمان من السياق لذلك سمّيَ ضمنياً, وهذا النوع من التشبيه يأتي في أعقاب الكلام من أجل إقناع المخاطب أو القارئ بفكرة المتكلم أو الكاتب , فعندما تقرأ قول المتنبي :
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ
لا ترى مشبهاً صريحاً ولا مشبه به صريحاً, وإنما تفهم من السياق إنَّ هاهنا تشبيهاً .
3-التشبيه المقلوب : هو قلب المشبه به مشبّهاً , والمشبّه مشبّهاً به, كأن نقول : القمرُ يشبه هنداً , بدلاً من : هندٌ كالقمر , والمراد من هذا التشبيه المبالغة . قال الشاعر :
أحنُّ لهم ودونهم فلاةٌ كأنَّ فسيحها صدرُ الحليمِ
شبه الشاعر الفسيح وهو المشبه بصدر الحليم وهو المشبّه به , فهنا قلب التشبيه للمبالغة بدلاً من : صدرُ الحليمِ فسيحها .
أغراض التشبيه :
1- الإيضاح والبيان والإيجاز وهو الغرض الأساسي .
2- بيان إمكانية وجود المشبّه, ويكون المشبّه هنا أمراً مستغرباً لا يمكن تصوره إلا بذكر شبيه له .
3- بيان حال المشبه, ويكون المشبّه هنا مجهول الصفة قبل التشبيه فيفيده التشبيه الوصف .
4- بيان مقدار حال المشبّه .
5- تقرير حال المشبّه حتّى تتوضّح صورته في النفس ويثبت في القلب ثبوتاً يوصله إلى اليقين .
6- تحسين المشبّه وتزيينه والترغيب فيه بمشبّه به حسن الصورة .
7- تقبيح المشبه وتشويهه .
من محاسن التشبيه :
1- أن يمثّل الغائب الذي لا يُعتاد بالظاهر المعتاد مما يؤدي إلى إيضاح المعنى وبيان المراد .
2- أن يمثّل الشيء بما هو أعظم منه بالاتصاف بالصفة .
3- أن يؤدي الإيجاز الشديد والاختصار العجيب .
من عيوب التشبيه :
أي تهاون في أداء التشبيه يعيبه و يخرجه من الحين غلى القبح .
والقبح جهات منها ما يرجع إلى اللفظ ومنه ما يرجع إلى المعنى ومنها ما يرجع إلى الصياغة والخيال .
إذا كان بين المشبّه والمشبّه به بعد فإنّ ذلك يعيب التشبيه , ويضع من قيمته البلاغية .
قال الشاعر :
يدبُّ هواها في عظامي وحبُّها كما دبَّ في الملسوع سمّ العقارب
فهذا التشبيه رديء كيف شبه حبها بسم العقارب .




تدريبات حول بحث التشبيه
أولاً : بيّن أركان التشبيه في الأمثلة التالية :
1- ((فَتَرَى القَومَ فيها صَرعَى كأنّهم أعجازَ نخلٍ خاويةٍ)) .
- القوم : مشبّه , صرعى : وجه الشبه , كأنّهم : أداة التشبيه , أعجاز : مشبّه به . فهو تشبيه تام الأركان .
2- فَخضرتُها كالجو في حُسنِ لونِهِ وأنوارها تحكي لعينيكِ أنْجُمَا
- خضرتها : مشبه , الكاف : أداة التشبيه , الجو : مشبه به , في حسن لونه : وجه الشبه , فإذاً تشبيه تام الأركان .
- أنوارها : مشبّه , تحكي : أداة التشبيه , أنجما : مشبّه به , تشبيه مرسل لحذف وجه الشبه .
3- جاءت بوجهٍ كأنه قمرٌ على قوامٍ كأنّهُ غصنُ
- وجه : مشبّه , كأنّهُ : أداة التشبيه , قمرٌ مشبه به , تشبيه مرسل .
- قوام : مشبّه , كأنّه : أداة التشبيه , غصن : مشّبه به . تشبيه مرسل لحذف وجه الشبه .
4- إنَّ الحقائق كالصباح جميلةٌ للناظرين و كالنجومِ عوارِ
- الحقائق : مشبَّه , الكاف : أداة التشبيه , الصباح : مشبّه به , جميلة : وجه الشبه . تشبيه تام الأركان .
- الحقائق : مشبه , الكاف : أداة التشبيه , النجوم : مشبّه به , عوار : وجه الشبه . تام الأركان .
5- إنَّ الرسولَ لنورٌ يُستضاءُ به مهنّدٌ من سيوفِ الله مسلولُ
- الرسولَ : مشبّه , نورٌ : مشبه به , يُستضاءُ به : وجه الشبه , تشبيه مؤكد لحذف أداة التشبيه .
- الرسول : مشبه , مهندٌ : مشبّه به , من سيوف الله مسلول : وجه الشبه , تشبيه مؤكد .
ثانياً : بيّن نوع التشبيه في الأمثلة التالية :
1- فإنّكَ شمسٌ والملوكُ كواكبٌ إذا طلعت لم يبدُ منهنّ كوكبُ
- فإنكَّ شمسٌ : تشبيه بليغ بسبب حذف أداة التشبيه ووجه الشبه .
- الملوكُ كواكب : تشبيه بليغ .
- إذا طلعت لم يبدُ مننّ كوكب : تشبيه مؤكد لحذف أداة التشبيه .
2- إنّ القلوب إذا تنافرَ ودّها مثل الزجاجةِ كسرُها لا يُجبر
- القلوب : مشبّه , مثلُ : أداة التشبيه , الزجاجة : مشبّه به , كسرها لا يُجبر : وجه الشبه , تشبيه مرسل ومفصّل وتام الأركان .
3- يهزُّ الجيشُ حولك جانبيه كما نفضت جانحيها العقابُ
- تشبيه تمثيلي أو تشبيه مرسل . والاثنان صحيح
4- قد ينفعُ الأدبُ الاحداثَ في مهلٍ وليس ينفعُ بعد الكبرةِ الأدبُ
إنَّ الغصونَ إذا قوّمتها اعتدلت ولا تلينُ إذا قوّمتها الخشبُ
- تشبيه ضمني : لأنه شبّه الإنسان بالعلم كعلاقة الأغصان بالخشب , فهنا لم يظهر المشبّه والمشبّه به صريحين وإنما لمّح بهما .
5- علا فما يستقر المال في يده وكيف تمسك ماءً قنّةُ الجبلِ
- تشبيه ضمني لأنه لا يوجد عقد مقارنة .
6- ليَ مولىً لا أسمّيهِ كلُّ شيءٍ حسنٌ فيهِ
تصفُ الأغصانُ قامتهُ بتــــثنٍ كتثنيـــــــــــهِ
يكـادُ البـــدرُ يـــشبههُ وتكــادُ الشمسُ تـحكيهِ
- تشبيه مقلوب : لأنه قلب المشبّه به مشبّهاً , والمشبّه مشبّهاً به .