الوردة الشامية أو ما تسمى بالفوعة الوردة البرية
انطلقت الوردة الجورية وأخواتها من السوسن والياسمين والفل من دمشق إلى جميع أنحاء العالم منذ مئات السنين وكانت أوروبا المقصد الأول لها , ولا تزال رسوم الوردة الجورية موجودة على بلاط قصر الحمراء في غرناطة , ويوجد في بلغاريا واد مليء بها ويقول عنه البلغاريون انها قطعة هاجرت من دمشق واستقرت لدينا.
ويعتبر العالم والطبيب ابن سينا أول من اكتشف أهمية هذه الوردة في استخلاص العطر منها في مطلع القرن الحادي عشر, غير أن وردة دمشق عرفت قبل هذا التاريخ ويعتقد كاتب فرنسي أن سورية أخذت اسمها من وردة دمشق , و إن شهرة الغوطة في دمشق بزراعتها جعلت سورية تحمل اسم ( سوري ستون ) أي أرض الأزهار
ويبالغ رواة الأساطير ويذكرون أن وردة دمشق جاءت من الجنة .
ونقلب صفحات التاريخ لنجد أن الوردة الجورية كانت موجودة بين أزهار حدائق بابل المعلقة , كما كانت موجودة بين حدائق الفراعنة , وبعد سقوط الدولة الأموية نقلها العباسيون إلى بغداد , ولم يتخل عنها الأمويون , فحملوا وردة دمشق معهم وعندما ذهب عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس , و استتب أمره فيها طلب غراسا من الوردة الجورية وزرعها في الأندلس ثم انتشرت في أوروبا .
وعودة إلى الشرق نجد أن إعجاب الخليفة المتوكل بها وصل إلى درجة جعلها خاصة بقصره بها و منع الناس من زراعتها في قصورهم وبيوتهم وقال : ( أنا ملك الملوك وهذه الملكة الوردة ولذلك يستحق كل منا الآخر ) .
وتعرف باسم الوردة الدمشقية في جميع أنحاء العالم , نظرا لشهرة سورية خاصة وبلاد الشام عامة بها منذ آلاف السنين, ويقال إن الشاعرة الإغريقية سافو التي عاشت في القرن السادس قبل الميلاد أطلقت عليها ( ملكة الأزهار ) , وهناك من يقول إن تسمية ملكة الأزهار جاءت على لسان الخليفة العباسي المتوكل .
وتستمر رحلة الوردة الجورية لتصل إلى عصر غزوات الفرنجة , وكان ممن جاء مع الغزو الكونت الفرنسي تيبو الرابع , و كان مولعاً بالورود ودفعه ولعه بالورد للتوجه الى الغوطة , و البحث عن وردة دمشق
فحمل منها و من بذورها وعاد إلى فرنسا ليزرعها هناك .
واجتازت وردة دمشق بحر المانش لتدخل الى القصر الملكي البريطاني , ووقفت الاسرة المالكة البريطانية مشدوهة أمام هذه الوردة الزكية و دعت الى اجتماع ملكي .. اتخذ فيه القرار باعتبار هذه الوردة من الشعارات الأساسية للعائلة المالكة .
واهتم العلماء الأوروبيون بوردة دمشق , وحللوها وقطروها و لكنهم لم يستطيعوا أن يتفقوا على اسم لها أو يجدوه بالأصل, فقالوا : تبقى وردة دمشق , ودخل اسمها القواميس والمعاجم والمختبرات على أنها روزا داماسينا ( الزهرة الدمشقية ).
وبعد ذلك اختفى الاهتمام بالوردة الجورية في الشرق زمنا طويلا , لكن ملكة الورد المحظوظة كتب لها أن تعود بعد مئات السنين إلى موطنها الأول , وفي عام 1967 وبعد المواقف المعتلة للرئيس الفرنسي ديغول تجاه العرب قرر وزير التربية الفرنسي أن يرد الأمانة إلى دمشق , فأرسل أصيصا زرعت فيه وردة دمشق في مدخل المتحف الوطني , وعندما أقيم معرض الزهور الدولي لأول مرة في عام ,1974 غدت وردة دمشق رمزا تتألق به ويزهو بها .
ففي مثل هذا الوقت من كل عام تستضيف حديقة تشرين معرض الزهور الدولي , فالورود تضفي على الحياة لوناً من البهجة و الجمال وتعطي الحياة إشراقة دائمة .
أقيم معرض الزهور الأول في حديقة الجاحظ بدمشق, واستمرت اقامته فيها عشرة أعوام , ثم نقل موقعه إلى حديقة شيراتون دمشق , واستقر موقع المعرض في حديقة تشرين منذ عام .1989 ويتخذ معرض الزهور الدولي الوردة الجورية شعاراً له .
أتمنى أن ينال هذا الموضوع إعجابكم