بـيـان
الهيئة العلمائية لأتباع
مذهب أهل البيت عليهم السلام في سورية
تتعاظم حملة الموتورين والحاقدين من أعداء الإسلام والقيم الدينية والإنسانية على كتاب الله المجيد, ورسوله الكريم "ص", وعلى رموز المسلمين ومقدَّساتهم, بتواطؤ ودفع من الصهيونية الخبيثة والاستكبار العالمي.
ويسعى هؤلاء جاهدين لإيقاد نار الفتنة بين المسلمين بعد أن فشلوا في حربهم ضد المقاومة في لبنان وفلسطين وحصارهم لحليفتيهما الاستراتيجيتين سورية الصامدة والجمهورية الإسلامية في إيران.
وفي هذا السياق يحتدم الصراع المصطنع المشبوه بين قنوات فضائية تدعي الانتماء إلى جناحي الأمة الإسلامية والإسلام منها براء؛ تشويشاً لأذهان العامة, وتهييجاً للعواطف, ومحاولةً لإشعال الفتنة؛ خدمةً لأهداف سياسية تريد أن تفرِّق الأمة وتعبث بأمنها.
ورداً على الإساءة إلى أزواج النبي وأمهات المؤمنين المكرمات بنص القرآن الكريم( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم )
ولجلاء الحقائق، ورفع أي التباس، ودفع أي شبهة، وتوضيحاً لعقيدة مذهب أهل البيت "ع", ونظرتهم إلى أمهات المؤمنين والصحابة الكرام, نبيّن ما يلي:
1. يعتقد شيعة أهل البيت "ع" تبعاً لأئمتهم أن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الخلق وأكمل الناس وخاتم الرسل وأفضلهم أجمعين ,وأنه معصوم من كل معصية وخطأ ديني أو دنيوي من ولادته إلى وفاته، وأنه سليل الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهرة, برأ من كل عيب في نسبه, وأهله, وفي خُلقه وخَلقه, وعمدة الدليل عندهم لزوم عدم النفرة منه من أي جهة, لأن ذلك مما يعيق دعوته, وتلبيغ رسالته, ويخدش في كماله, كما يعتقدون أن أذى النبيّ "ص" في أهله هو من الكبائر.
2. ويعتقدون أن أزواج الأنبياء جميعاً من آدم إلى الخاتم سلام الله عليهم ، لا يمكن أن تعاب واحدة منهن في عفافها، لأن ذلك مما يسيء إلى النبي وينفر الناس عنه، مما يناقض الحكمة الإلهية في شد الناس إليه وتقريبهم منه.
3. ويعتقدون أن أزواج النبي "ص" أمهات للمؤمنين, وقد ذكره تعالى في كتابه الكريم, فينبغي رعاية الأدب في الحديث عنهن، واحترامهن تكرمة لرسول الله "ص".
4. ويعتقدون أن أصحاب النبي "ص" رضي الله عنهم لهم فضلهم في الجهاد وخدمة الإسلام وفي تأسيس دولته وتشييد بنيانها كل بحسب سهمه وبقدر جهده وطاقته, فالإسلام أعظم من أن يبنى بيدٍ واحدة.
5. وأما الخلاف الذي وقع بين أهل البيت "ع" وبعض الصحابة أو بعض أزواج النبي "ص" فينهجون فيه نهج أهل البيت من نبل الاختلاف وعفة اللسان وإيثار مصلحة الإسلام العليا، فقد سكت علي "ع" الذي نعتقد بإمامته وعصمته عما كان يراه لنفسه من الحق في الإمامة؛ إيثاراً لوحدة المسلمين، ومصلحة الإسلام العليا, وكان أخاً مشيراً ناصحاً أميناً للصحابة الكرام, وقد أثر عنه قوله: لأسلّمن ما سلمت أمور المسلمين, وصح عندنا أنه قال للسيدة عائشة "رض" بعد معركة الجمل: ارجعي غفر الله لك فإن لك موقعاً من رسول الله "ص" وأعادها إلى بيتها معززة مكرمة.
6. ويرون أن نقاش القضايا الاعتقادية والسياسية في مسيرة المسلمين التاريخية ينبغي أن يُحصر في المجالس العلمية، بعيداً عن المنابر وأسلوب السجال والجدال في الأجهزة الإعلامية، ولاسيما القنوات الفضائية، وبمنتهى الأدب والموضوعية والاحترام لمشاعر سائر المسلمين.
7. إن ما هو مذكور في بعض كتب التراث عند جميع المسلمين مما يفرّق شمل هذه الأمة إنما يعبر عن رأي أصحابه, ولا نصّ شرعي يؤيده, بل نصوص الكتاب الكريم والسُنَّة الشريفة صريحة بخلافه, وقد كتب في ظروف تاريخية خاصة, عفى عليها الزمان.
8. ويؤكدون ما دعا إليه القرآن الكريم من تجاوز الحواجز بين المسلمين والانفتاح على حقيقة أنهم جميعاً على اختلاف رؤاهم أمة واحدة ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ) [المؤمنون], فلا تقوى لمن لا يحرص على وحدة هذه الأمة وانسجامها، واصطفافها في خندق المواجهة لأعدائها من الصهاينة والمستعمرين, إذ ليس الإسلام إلا الشهادتين والإقرار بالأركان الخمسة.
9. إن الوحدة الإسلامية هي في مصلحة المسلمين جميعاً, لا يستفيد منها فريق دون فريق, فإن أواصر الأخوة والمحبة والتعاون بين أبناء الأمة الواحدة هي في مصلحة الجميع, وإن أي إنجاز يحققه فريق من المسلمين هو إنجاز للجميع.
10. إن أمر الخلافة والإمامة الزمنية أمر مضى وانقضى, ولا فائدة من البحث فيه, وأمَّا الإمامة الدينية فإن جميع المسلمين يعتقدون بأن أهل البيت "ع" مقدَّمون في كل ما يصحّ عنهم, وبالتالي فإن كل مسلم معذور فيما يستنبطه بحسب ما صحّ عنده.
11. كما يؤكِّدون أنه لا حقّ لأحد أن يتلبَّس بثوب الدين ويتكلم باسم مذهب من مذاهب المسلمين, دون أن تكون له أهلية ذلك ودون التفويض من جهة علمية معروفة, وبطريقة موثَّقة, فإنما يعبّر عن المذهب أئمته وكبار علمائه,.لذا على المسلمين التنبّه لذلك, وعدم السماع لأقوال المستَأجرين, بل يحرم النظر إليهم والسماع لهم.
وختاماً:
إننا ندين بشدة كل ألوان الإساءة إلى المقدسات الدينية لجميع المسلمين بالقول أو بالفعل، وكل تسعير لنار الفتنة الطائفية من خلال القنوات الفضائية، وكل دعوة إلى العنف, وكل صيحات التكفير, وكل قتل للأبرياء من المسلمين وغير المسلمين في كل مكان من أرض البشر أجمعين.
وندعو في الوقت نفسه جميع علماء المسلمين إلى إدانة كل ذلك والتبرؤ منه ومن متحملي أوزاره والاعتصام بحبل الله, قال تعالى: ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا).
ولا يفوتنا أن نعتز بما بتحقق في سورية بقيادتها الرشيدة وشعبها النبيل من وحدة وطنية، وأخوة دينية، وندعو إلى تعزيزها من خلال جهود سائر العلماء الواعين المخلصين والعاقبة للمتقين.
والحمد لله رب العالمين
الهيئة العلمائية لأتباع
مذهب أهل البيت عليهم السلام في سورية
رئيس الهيئة
السيد عبد الله نظام
دمشق في 25 شوال 1431 هـ الموافق 4 تشرين الأول 2010م