جاليلوعالم فلكي ورياضي وفيلسوف إيطالي، عكف على الدراسة والبحث في علوم الفلك وبسبب علمه وقع بينه وبين الكنيسة الكثير من الجدل والتوتر الأمر الذي انتهى باتهامه بالكفر والإلحاد، وحكم عليه بالسجن والعزلة، وعلى الرغم من كل هذا ظل العالم أجمع يشهد بعبقرية هذا العالم الذي أثبت بالدلائل والحقائق صدق نظرية كوبرنيكس والتي تقول أن الشمس هي المركز الذي تدور حوله الكواكب وليست الأرض، وأن الأرض مثل غيرها من الكواكب تدور حول الشمس وليست ثابته.
حياته
ولد جاليليو في عام 1564 بمدينة "بيزا" وكانت جزءاً من دوقية فلورنسا، وكان الطفل الأول لوالديه بين ستة أطفال والده هو فينسينزو جاليلي أما والدته فهي جوليا أممانناتي، انتقلت العائلة إلى فلورنسا عندما كان جاليليو في الثامنة من عمره.
تلقى جاليليو تعليمه بأحد الأديرة جنوب شرق فلورنسا، وعلى الرغم من نظرته الجدية للتعليم الديني، إلا انه التحق بجامعة بيزا لدراسة الطب بناء على رغبة والديه، ولكنه لم يستمر بدراسته هذه حيث أنتقل لدراسة الرياضيات والتي شغف بها هي وعلوم الطبيعة، وفي عام 1589 تم تعينه أستاذاً للرياضيات في جامعة بيزا.
توفى والده في 1591 وألقي على عاتق جاليليو مهمة الاعتناء بشقيقه الأصغر مايكل أنجلو، وفي عام 1592 انتقل إلى جامعة بادوا لتدريس الهندسة والميكانيكا والفلك وذلك حتى عام 1610.
وخلال هذه الفترة قدم جاليلو العديد من الاكتشافات الضخمة في العلوم البحتة مثل علوم الفلك، والعلوم التطبيقية مثل قوة المواد وتطوير التليسكوب، كما شملت اهتماماته دراسة الكواكب وحركتها، والربط بين دراسة الرياضيات وعلوم الفلك.
تلسكوب جاليلو
عارض جاليليو من خلال أبحاثه وتجاربه عدد من النظريات التي كان مقراً ومعمولاً بها وتعد قوانين أساسية في الفيزياء، فعارض أرسطو في نظريته التي تقول أن الأجسام ذات الكثافة العالية تسقط أسرع من الأجسام الخفيفة الوزن، حيث قام جاليليو بتجربة عملية وصعد على قمة برج بيزا واكتشف أن سبب سقوط جسم أسرع من الآخر هو أمر له علاقة بالاحتكاك الذي يواجهه كل واحد منهما عند الانتقال في الهواء، وأن جسمين ذي وزنين مختلفين يسقطان بنفس المعدل في المحيط المفرغ من الهواء.
أبحاثه واكتشافاته
عكف جاليليو على دراسته وأبحاثه الفلكية، وقام بتطوير التليسكوب فجعله يضخم الأشياء الصغيرة ثلاث مرات أكثر من المنظار المقرب، مما مكنه من متابعة الكواكب ودراسة حركتها في الفضاء واكتشاف الأقمار، وفي عام 1610 قام جاليليو بنشر عدد من ملاحظاته التي شاهدها بواسطة تليسكوبه بشأن اكتشافه لأقمار كوكب المشترى، كما أكد مراحل كوكب الزهرة، بالإضافة لأكتشافه وجود مرتفعات وجبال على سطح القمر وانه ليس مسطح الشكل كما قيل قبل ذلك.
ثم جاء تأكيده لنظرية نيكولاس كوبرنيكس التي أعلنها عام 1543 بمركزية الشمس، وأن الأرض وجميع الكواكب تدور حولها، هذه النظرية التي جاءت متعارضة مع نظريات كل من بطليموس وأرسطو حول مركزية الأرض.
الشمس لا الأرض
المجموعة الشمسية
فتحت على جاليليو أبواب من الغضب والاستنكار من رجال الدين والكنيسة الرومانية الكاثوليكية، فانقلبت الكنيسة عليه وأمر البابا بمحاكمته واتهم بالإلحاد والخروج عن المألوف، وذلك بعد تقديمه لكتاب المناقشات أو الحوارات وفيه قدم تحاور بين النظامين القديم والجديد، وعارض من خلاله فكرة أن الأرض ثابته وانها هي مركز الكون، وأثبت أن الشمس هي المركز والتي تدور حولها الكواكب بما فيها الأرض، بالإضافة لتأكيده على وجود اكثر من سبع كواكب، فلم يستسغ رجال الدين مثل هذه النظرية والتي جاءت لتتعارض مع معتقداتهم الدينية وما جاء بكتابهم المقدس.
صدر أمر بمحاكمته وحكم عليه بالسجن، ثم خرج من السجن نظراً لمرضه ولكنه ظل منعزلاً في منزله خارج فلورنسا، واستمر في أبحاثه ودراساته، وقد اشتد عليه المرض فأصيب بالعمى والشلل ً، وتوفي عام 1642م.
ظل جاليليو في موضع اتهام، ووضعت كتبه في قائمة الكتب الممنوعة من الكنيسة حتى عام 1835، ولم يرد اعتباره من الكنيسة إلا في عام 1992 وذلك بعد تشكيل لجنة بأمر البابا لإعادة النظر في قضية جاليليو، وظلت في دراسة لمدة عشر سنوات بداية من 1982، حتى جاء الاعتراف في النهاية بفلسفة وفكر جاليليو، بعد ثلاثة قرون ونصف من اتهامه.