جريمة مع وقف التنفيذ

جلست أمام ذلك المكتب البائس الذي يعود إلى ذلك العجوز البخيل , وأخذت دفترا يعود له أيضا , وقررت أن اخطط للتخلص من ذلك البخيل , الذي مرر طعم حياتي وجعلني أتمنى له الموت في كل لحظة ,لكن ذلك العجوز متشبت بالدنيا إلى آخر رمق . أخذت القلم وكتبت اليوم قررت التخلص من البخيل , قررت قتله لأني ضقت ضرعا منه ولم اعد احتمل رؤيته كل يوم طوال أربع وعشرين ساعة , اجل سأتخلص منه لن يفتقده أحد فليس له غيري, بل سأستفيد من موته ,سأصبح غنيا بعد كل هذا العناء .
اليوم يوافق الثاني عشر من شهر شتنبر وهو آخر يوم للعجوز على وجه الأرض , لن أمنحه فرصة أخرى أبدا لن ادعه يعيش أكثر من هذا , سيعيش عمره وعمر غيره لن اسمح له أبدا , وغدا عند السابعة صباحا موعد استيقاظه سأذهب لأطل عليه ككل يوم قبل مغادرتي للعمل في شركته البائسة القديمة الطراز, وسأغادر كالمعتاد سأرجع من الباب الخلفي للمطبخ , قبل قدوم الخادمة وسأدخل وسأقضي عليه سأنهي حياته البائسة وسأنهي بؤسي كذلك , إنه لايستحق البقاء على وجه الأرض , سأضربه بسكين المطبخ الكبير , آه لقد نسيت أمر البصمات ماذا سأفعل بشأنها , إذا يجب علي الخروج اليوم من البيت وشراء بعض الحاجيات لتكون جريمة كاملة , سأشتري قفازات ورداءا بلاستيكيا لكي لا أتلطخ بدمه العفن , اجل هذا ما احتاج إليه فقط بضع دقائق وسينتهي كل شيء.
خرجت بعد ذلك ببضع دقائق كنت مستعجلا على التخلص منه ,اشتريت كل شيء وعدت إلى البيت وكلي شر وتلهف لاقتراب موعد الجريمة وكأني كنت ذاهبا للجهاد نمت والفرح يظهر في عيني .
استيقظت في موعدي ككل يوم , لكني لم أستطع القيام من مكاني , استرجعت جميع الذكريات مع العجوز , أو جدي المسكين , المسكين ؟؟ كيف هذا البارحة كنت أتوق للتخلص منه, اليوم هو مسكين ؟؟ اجل مسكين , تذكرت الآن والآن فقط انه من آواني بعد موت والداي في حادث سير مروع , صرف علي من ماله الخاص ولان والدي كان ابنه الوحيد , لم يكن لدي منازع في أخد أي شيء أريده بل كان يستجيب لرغباتي وطلباتي , أتذكر كيف كان يعاملني بحنان وكيف كان يحرص على عدم جرحي , وكيف كان يحرص على أن أكمل دراستي لان هذه كانت رغبة والدي . بعد أن خططت وحضرت لكل شيء أشفقت عليه , وتذكرت كل ميزاته ولم أعد أحس بذلك الكره العجيب ناحيته , لكني عدت و تذكرت بخله الآن انه يستغلني أسوأ استغلال يأخذ كل الربح لنفسه ويرمي علي تلك الدريهمات التي لا تسد حتى جوعي , لكن لا تنسى انك تعيش في ملكه الخاص اجل لكني أيضا من أجني الأموال الطائلة التي يأخذها هو , أجل ضرره أكثر من نفعه سأتخلص منه لا مجال للتراجع , لكن لا تنسى أن موته سيثير الشكوك , وستحوم الشكوك حولك قبل كل احد فأنت المستفيد الوحيد من موته , لا لا مجال للتراجع سأتخلص منه اليوم بل الآن اجل الآن . وخرجت من غرفتي مسرعا وذهبت إلى المكتب حيث خبأت كل مشترياتي أو عدة الجريمة . اتجهت إلى غرفته لأراه لآخر مرة على قيد الحياة , طرقت باب الغرفة كالعادة وكان يجيبني تفضل ادخل إذا كان لديك شيء مفيد , لكنه هذه المرة لم يجب طرقت الباب مجددا لم يجب كذلك تفاجأت ما هذا ماذا حصل معه , دخلت إلى الغرفة وجدته ممددا على سريره , حاولت إيقاظه لكنه لم يجبني لمست يديه وكانتا باردتين كالثلج , لقد مات جدي , لقد رحل دون سابق إنذار حتى أني لم أودعه , جاء ذلك الصوت ثانية كنت تريد التخلص منه والآن تأسف لعدم توديعك له , اخرج من رأسي أرجوك ابتعد عني دعني وشاني , سكت الصوت للحظة لكنه عاد مجددا أنت المستفيد من موته لماذا الحزن كنت تريد قتله وقد تخلصت منه دون عناء, اجل لقد مات رحل دون رجعة .
بعد أن قمت بدفنه اخبرني المحامي انه يريد رؤيتي غدا صباحا فعلمت انه يريد أن يطلعني على كيفية الحصول على الثروة التي تركها لي جدي , عدت إلى البيت بعد اليوم الطويل اتجهت إلى غرفة جدي عفويا جلست على سريره وذرفت بعض الدموع عليه كنت أشفق على نفسي ابكي على رجل كنت أريد قتله بالأمس . بحثت في أغراض جدي الشخصية ووجدت دفترا فتحته وأردت أن اقرأ آخر ما كتبه جدي وكان كالتالي : اليوم الثاني عشر من شتنبر أحس أن اليوم هو آخر أيامي لا أعرف مصدر إحساسي هذا لكنه كذلك , حتى وإن كان آخر أيامي فقد فعلت الصواب ربيت حفيدي وتركت له ثروة كبيرة . كان يحس انه سيفارق الحياة وقد رحل عني دون أن أودعه أو أكون معه في آخر لحظاته. استبقت الأحداث ونسيت أن لكل اجل كتاب وتناسيت وجود الله , لم أفكر في العقاب الذي كنت سأتلقاه إن كنت قد ارتكبت تلك الجريمة الشنعاء , والآن هاهو قد رحل وترك لي كل أمواله ماذا أفعل بكل هذا المال , الآن أصبحت وحيدا في هذا العالم لا أقرباء ولا أصدقاء , ذهب من كان يعتني بي بكيت بشدة لأني أحسست أني وحيد على وجه الأرض , الآن فقط عرفت معنى الأهل ومعنى أن تكون مع من تحب ومن يحرص عليك , وا أسفاه لقد فقدت احترامي لذاتي بل حتى أني أحس أن المال ليس من حقي , لم تعد لدي رغبة في أخذ المال لأني لم اعد استحقه نمت تلك الليلة وكلي أسى . ومرت الأيام وقررت بعد طول تفكير من يستحق تلك الثروة , هو وحده من يستحق هذا المال أجل هو , لذلك قررت بناء مسجد ليكون صدقة جارية له مدى الحياة , وكذلك قررت بناء دار للأيتام لأكفر عن إحساسي بالذنب تجاهه. ورغم مرور سنين عدة على موت جدي العزيز لم أستطع تجاوز إحساسي بالذنب ولا أعتقد أني سأستطيع في يوم من الأيام تجاوزه .
هذه اول مشاركة لي معكم ارجو ان تنال اعجابكم

أخت سارة كل التقدير و الاحترام لك على باكورة نصوصك ، و اول مشاركة لك في المنتدى ،
أنا مسرور جدا أنك بدات بالمشاركة أخيرا ، وهي مشاركة موفقة ، و قصة جميلة ، و معبرة جدا
أتمنى أن تستمري و لا تنقطعي عن الكتابة ، و نحن بانتظار قلمك الجميل
فاهلا و سهلا بك و باهل المغرب الاعزاء
دمت بخير
د . نزار

مشكورة اخت سارة على هذه المشاركة الممتعة
نأمل بالجديد

كل الشكر الجزيل لك حيدر الشيخ
كل الود والامتنان

شكرا لك اخت على هذه القصة الجميلة
وننتظر مشاركاتك القادمة
موفقين

د. نزار يشرفني كثيرا انك قرات نصي
ويشرفني اكثر انك شجعتني على الاستمرار في الكتابة
سلمت سيدي الكريم
كل الشكر الجزيل لك
وكل الود والاحترام

سامر حريري بارك الله فيك
كل الشكر والود

ش?را جزیلا اخت سارة

القصة ممتعة جدا ومحزنة من حیث بدأت :جلست أمام ذلك المكتب البائس الذي يعود إلى ذلك العجوز البخيل
وحتی انتهت :
ورغم مرور سنين عدة على موت جدي العزيز لم أستطع تجاوز إحساسي بالذنب ولا أعتقد أني سأستطيع في يوم من الأيام تجاوزه .

ولا اعتقد ان الحزن الذی خیم علی تل? الفتاة سینتهی بمرور عدة سنوات علی موت جدها فهی ارت?بت الجريمة بنیة وقتلت نفسا بريئة .
ول?ن ما قدمته لجدها بعد رحیله سوف ی?ون لها ایضا صدقتا جاریة و مغفرة لها عند ربها

اشكرك جزيل الشكر اخي جميل الشيخ

قصة رائعة ومميزة أخت سارة

بارك الله بك

يد حكمت الرائع هو مرورك الكريم
كل الود والاحترام

» جريمة واضحة كالنهار