هلوسة مغترب

1- تناثرت أوراق ذاكرتي بين وطن قذفني إلى غابات البشر المتحضر ، ووطن احتوى أوراقي المتناثرة دون ترتيب ، فأنا اليوم لم أعد انسان القيود والعبودية ، رغم الفوضى والضجيج اللذين يغتالا بعض تفكيري .

2- لن أنساب مع مياه النهر التي تجرف بطريقها كل الحصى و الرمال ، والاعشاب اليابسة والخفيفة ، و أوراق الاشجار المتساقطة هنا وهناك لتكون طمرا مجهول الهوية .

3 – عندما تجف البحار ، ويقف نمو الاشجار ، عندما تتساقط كل النجوم ، وتتحول الشمس إلى كتلة جليد ، والقطب الشمالي إلى بركان ملتهب دائم ، بامكانكم أن تقولوا أني توقفت عن الجري وراء الحرية كغذاء لروحي .

4- يا صديقي لا تهتف إلي بعد اليوم، ولا تقل احذف كلمة أوجملة من نصوصك الادبية ، أو قصيدتك النثرية ، فلقد تحولت منذ سنين إلى بستان للياسمين والفل ، و صرت حقلا تغرد فيه الطيور ، وتنبت في قلبي كل أنواع الزهور ، فالنحل ياتيني كل يوم ، يرشف الرحيق ، والفراشات تطير من زهرة إلى زهرة ، تحاكيها بالعلانية ، والبلابل تتكلم دون خوف

هكذا اعتاد هذا الوجود في حقل عقلي أن يقول ويقول ويصيغ أناشيد الحرية بالحان الطبيعة ، فما عدت أخاف من الذئب المبرقع أو الضبع الجائع ، لأن بين أصابعي قلمي وحصاني الحرية .

أما أنا فلا أخاف من المياه الجارية فغابتي مليئة بالأنهار والجبال والوديان , فلقد أطلقت الرصاصة العاشرة واتخذت القرار .
سأنساب مع مياه النهر التى تجرف بطريقها كل الحصى والرمال , كل الأعشاب والأوراق اليابسة وجذوع الأشجار, لأتعلم السباحة لأبقى عائما على سطح الماء هكذا نقشى قدري .
سأغوص فيها الى أعماقها لأستوحي منها فكرة من شق طريقها واتخاذه على هذا الشكل وبهذه الطريقة .
سأصل الى البحر وسأنشر الأشرعة وأرفع الأعلام . سأمتطي الدلافين وسأركب الأمواج وأحلق مع طيور النورس ,سأصرخ سأسمع الحيتان والأسماك صوتي
وداعا أيتها المستنقعات الراكدة وداعا أيتها الغابات المتحضرة فلقد سئمت العيش في الغابات أيا كانت .


يا صديقي يا بستان الفل والياسمين سنأتي إليك كل حين سنرشف من أزهارك الرحيق وسنصنع الدواء لكل مريض .
فالنحل يتنقل بين البساتين والحقول ويكتفي بالرحيق من الزهور هذا ما كتبه له الطبيب .
خليتنا بحاجة للعسل ومن دونه لا نقوى على التحليق فوق الأزهار ولا نستطيع الوصول الى الجنان
نحن نحذر الأعداء والهنود الحمر والأشرار, نحن نقي انفسنا شرهم , هذا ليس خوفا ولا ذعرا فالكل يعلم بأن روح النحلة في كفها تضرب به العدو ضربة واحدة ومن ثم تستشهد دفاعا عن حريتها ومملكتها.

شكرا لك دكتور
مع كامل الود والاحترام