نقل آية الله العلامة السيد محمد تقي المدرسي (حفظه الله) إنه:
كان في النجف الأشرف عالم فاضل اسمه الشيخ مشكور (رحمه الله)، قال ذات مرة لأحد التجار الأثرياء: لماذا لا تذهب إلى حجّ بيت الله الحرام؟
فقال الرجل: عندي ثلاث مشاكل، فإن استطعتَ لي حلّها، سافرتُ إلى الحج!
قال الشيخ: وما هي؟
قال الرجل: المشكلة الأولى: من يدير شؤون عائلتي فترة غيابي، وزوجتي يعتريها مرض بين كل مدّة؟
قال الشيخ: أنا أعرف من يقوم بهذا الأمر.
فقال الرجل: المشكلة الثانية: إن عليَّ طلبات مالية يجب أن أدفعها في وقتها، ولي طلبات على الآخرين لابد من استلامها.
فقال الشيخ: لا تهتم، أدلّك على من يدبّرها أيضاً.
قال الرجل: المشكلة الثالثة: إن السفر إلى الحج لوحدي شاقّ جداً، فلابد لي من يرافقني لمساعدتي.
قال الشيخ: هناك من يرافقك أيضاً. وغداً سوف آتيك ومعي حلول هذه المشاكل!
جاء الشيخ إلى البيت، وهو يفكر طول الليل، كيف واعد الرجل بمن يؤدي عنه أموره في غيابه وهو لم يعرف إنساناً أميناً مديراً مدبراً يمكن الاعتماد عليه في مثل هذه المهمة الصعبة. تلك الليلة ولّى النوم من عين الشيخ ولم يهتد إلى من يقوم بهذه المهام. ولكنه جاء إلى الرجل ومعه حلولاً من نوع آخر قد ألهمها الله إليه، فقال:
لقد فكرت البارحة فيمن يكون أهلاً للقيام بأمور عائلتك فترة غيابك، فلم أرَ أحداً أفضل واقدر وأرحم وأكرم من الله تعالى!
وفكرت في أفضل من يرافقك ويساعدك في سفرتك إلى حج بيت الله الحرام، فما وجدت أفضل من الله جل جلاله كذلك.
فما رأيك في هذا المعيل الكريم، والمدبر الحكيم، والرفيق المعين؟
تأمّل الرجل قليلاً ثم أعلن موافقته، فتوكل على الله عز وجل وشد الرحال لهذا السفر العظيم. ولما عاد من الحج، ذهب الشيخ لزيارته والإطلاع على حاله وما جرى له في السفر، وكيف وجد عائلته وتجارته في غيابه.
فأخبره الرجل الحاج: خرجت من هنا وسخّر الله لي شاباً رافقني وآنسني وساعدني إلى درجة لم أتوقّعها قطّ، وعُدْتُ فكان الذين أطالبهم قد سدّدوا ما عليهم، والذين يطالبونني لم يأتوا خلال فترة سفري.
ذلك من فضل الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، فما رأيك أن تجرّب؟!