د . نزار بوش عضو مساهم
الجنس : العمر : 58 تاريخ الميلاد : 05/04/1966 البرج : العمل/الترفيه : أستاذ جامعي في موسكو مكان الاقامة : موسكو المزاج : غير مستقر و رايق بآن معا تاريخ التسجيل : 18/11/2008 عدد المساهمات : 414
| موضوع: لقاء تحت شجرة التين الأحد يوليو 18, 2010 11:59 pm | |
| بقلم : د . نزار بوش يمسك سامر جواله و يتصل بأمه سامر : أمي مرحبا ، أنا سامر ابنك ، نعم ابنك الام : أهلا يا فؤادي ، يا مهجتي ، يا كبدي ، لقد اشتقت لك ، اشتقت لأضمك إلى صدري ، أين هذه الغيبة يا ولدي ، عد إلى بلدك لتعيش بين أهلك و أقربائك ، عد يا ولدي فشجرة الليمون اصبحت شاحبة لغيابك، و الاشجار ما عادت تثمر كما كانت ، عد يا ولدي لوطنك ، فالحجارة تبكي لفراقك ، عد يا ولدي فقد شاب قلبي لغيابك . سامر : لك يا أمي ألف قبلة و قبلة ، و أنا أيضا مشتاق لصدرك ، لحنانك ، لحبك الأبدي ، لقسمات وجهك النبيل و لمسات يديك الدافئة . الأم : يا ابني ليش طولت الغيبة ؟ و الله الغربة صعبة . سامر : نعم يا أمي و الله صعبة ، لكن شو بدي أسوي ، { و قد أحس سامر أن دموع أمه تغسل وجنتيها من خلال صوتها الذي بدأ يأكل الكلمات } ، انشاء الله سأعود . الأم : متى ستعود ؟ عد يا ولدي لاراك قبل الرحيل ، فلم يبق من العمر إلا أيام معدودات !!!! سامر : انشاء الله يا أمي ، الآن أنا مشغول بأعمالي هنا ، فلربما أنتهي من أشغالي بعد شهر و نصف و سأزورك ، و نجلس سوية تحت شجرة التين في أرض الديار و نقطف من طيب ثمارها ، ونستأنس بين شجيرات الزيتون . الأم : أفهم من كلامك أنك ستزورنا في موسم العنب و التين ؟ سامر : { يسمع سامر خفقات قلب أمه } انشاء الله ، انشاء الله . الأم : كيف زوجتك سفيتا و بنتك الأمورة ناستيا ، ما شاء الله شو حلوين الله يخليهم و يحميهم ، صورهم حلوة كتير !!!!!!!!!! سامر : بسلموا عليك و ببسوا خدك . الأم : و الله يا ابني قلبي يذوب شوقا إليك ، بدي أشوفك و أشوف أولادك !! كم أصبح عمر بنتك ؟ و هل تتكلم العربية ؟ سامر : صار عمرها ستة سنوات ، ناستيا تعرف بعض الكلمات بالعربية . الأم : إذا لم تستطيع أن تأتي إلينا أنت أرسل بنتك و زوجتك هذا الصيف لعندنا ، علني أشم رائحتك من خلالهن . سامر : انشاء الله بعد يومين سوف أشتري بطاقة طائرة ليسافرن إليك . الأم : يا اهلا ، يا أهلا و سهلا بالغوالي نحن ننتظرهن على أحر من الجمر . سامر : و أنا يا أمي سأسافر إليك بعد شهر و نصف لأرى وجهك الحبيب ، و أجلس معك تحت شجرة التين بجانب شجرة الجوز و نتنقل في أرض الديار مع ظل الشجر و أستمتع بصوت نافورة الماء و رذاذها الذي يبلل وجه الورد الجوري و شجيرات الريحان . الأم : الله يوفقك يا سامر يا حبيبي و يجيبك بالسلامة ، و الله يا ابني اشتقنا لك ، و العمر ينتهي و الشغل لا ينتهي !!!{ و هنا يخيم الصمت على الطرف الثاني و في البلد الثاني لسامر و يلتهم صوته !!! } و تسأل الأم هل تسمعني يا ابني يا سامر ؟ سامر هل تسمعني ؟ سامر سامر سامر ..... وينك يا سامر ، و تتمتم الأم بصوت منكسر ، يمكن أن الخط انقطع أو فلوسه خلصت ،، الله معك يا سامر ، و الله يوفقك ، نحن بانتظارك. و في اليوم التالي و بينما الأم تنكش في أرض الديار حول شتلات الورد الجوري و النرجس و الريحان ، كما لو أنها تهيأ كل شتلة كعروس للزفاف فرحا بقدوم ابنها الموعود به بعد شهر و نصف ، و هي تتنقل مع الظل حيث تنقله الشمس مع الوقت من مكان إلى آخر ، و تسقي شجرة الليمون و شجيرات الزيتون و تنظر إلى شجرة التين و تحاكيها بلطف ، قائلة : اححفظي ثمارك و لا تدعيها تتساقط قبل النضوج و الاوان ، لأن سامر سوف يعود و يقطف من طيب ما تحملين و يتذوق حلاوتك علها تكون السبب في اغرائه فيبقى في الوطن و لا يغادره أبدا بعدها ،، حتى قرع جرس البيت و دخل حفيدها رامي و قال : و بصوت يختنق في حلقه بين المسموع و اللامسموع ، جدتي لقد جاء سامر . الجدة { الأم } : ماذا ؟ لم اسمع جيدا . رامي : جدتي لقد جاءك سامر . الجدة { الأم } : { زغردت بكل ما استطاعت من قوة و عزم } و قالت مخاطبة شجرة التين : ألم أقل لك أن سامر سيعود و يأكل من طيب ثمارك ، الحمد لله يا ربي ها هو عاد لحضني بعد ثلاثين عاما في الغربة !!! و تابعت الجدة مخاطبة حفيدها وينو !! وينو !!و الله قلبي من الشوق مثل النار ،، بدي أضمه لصدري . رامي : و بصوت خافت ينسل من بين شفتين مرتجفتين يجيب : هو في السيارة على باب الدار . خرجت الجدة { الأم } إلى باب الدار حيث تعرش الياسمينة و يتساقط زهرها الأبيض فوق العابرين من تحتها، و هي تهلل فرحا بعودة ابنها الذي طال غيابه ، و ما ان فتحت باب الدار على مصراعيه ترحيبا و ابتهاجا بمجيء الغالي حتى رأت سيارة اسعاف و تابوتا في داخلها ، حينها سقطت الجدة { الأم } على حجرة مربعة الشكل كان قد أحضرها لها ابنها قبل مغادرة الوطن من براري الضيعة الجميلة ، حيث كانت الأم تجلس عليها تنتظر ابنها عندما كان يعود من تأدية الخدمة الالزامية في إحدى القطع العسكرية في وطنه . اقترب الطبيب المرافق لسيارة الاسعاف من الجدة { الأم } و مسك معصمها ، و من ثم أخرج ابرة و جرعة من الدواء ليحقنها ،لكن كان الوقت متأخرا . تجمع الأهل و الأقارب و الجيران و الأصدقاء و مارسوا الطقوس المتبعة في تغسيل المتوفاة و تكفينها و وضعوها في تابوت ملاصق لتابوت ابنها سامر تحت شجرة التين و بالقرب من شجيرات الزيتون و الليمون و في أحضان ظل شجرة الجوز ، ليكون اللقاء الموعود بعد أكثر من ثلاثين عاما من الغربة . فارض الديار هو مكان اللقاء الذي اتفقا عليه . و بينما كان الأقرباء و الأصحاب يودعون من التقيا تحت شجرة التين ،على صوت رذاذ النافورة الذي كان يروي شجيرات الريحان و الورد الجوري و لا ينسى أن يرطب التابوتان بما استطاع ، سقطت ثمرة تين من أعلى غصن في الشجرة على صدر سامر ، حيث كان التابوت مفتوحا للوداع ، لتكون أول حبة تين نضجت في هذا الموسم
عدل سابقا من قبل د . نزار بوش في الإثنين يوليو 19, 2010 3:16 am عدل 3 مرات | |
|
مهند بوش
الجنس : العمر : 31 تاريخ الميلاد : 27/12/1992 البرج : العمل/الترفيه : طالب مكان الاقامة : الفوعة المزاج : رايق تاريخ التسجيل : 16/02/2010 عدد المساهمات : 28
| موضوع: رد: لقاء تحت شجرة التين الإثنين يوليو 19, 2010 2:13 am | |
| شكرا على هذا القصة الرائعة دكتور وادامكم الله | |
|
د . نزار بوش عضو مساهم
الجنس : العمر : 58 تاريخ الميلاد : 05/04/1966 البرج : العمل/الترفيه : أستاذ جامعي في موسكو مكان الاقامة : موسكو المزاج : غير مستقر و رايق بآن معا تاريخ التسجيل : 18/11/2008 عدد المساهمات : 414
| موضوع: رد: لقاء تحت شجرة التين الإثنين يوليو 19, 2010 3:11 am | |
| شكرا لك مهند على تذوقك الادب و مرورك اللطيف دمت نشيطا | |
|