رهاب العين
ذات مساء بينما كنا نتحدث عن الدوام والمناوبات سألني أحدهم : لم أنت متفرغ بشكل كامل للمشفى ويمكنك بعد أن خفت المناوبات أن تفتح عيادة في إحدى القرى المجاورة لحلب ؟ قلت له: حسب علمي لا توجد بلدة أو قرية إلا وفيها طبيب أو أكثر ! ثم إن لي تجربة قبيل الإلتحاق بالإختصاص لا أود تكرارها 0أردف اخر : لم لا تفتح في ع00 ؟ ماذا تقول ؟ ع00 لا وألف لا لا تفكر في مناقشة هذا الموضوع معي أبدا
وبعد ذهاب الأصدقاء أويت للنوم في السرير وذكريات عبرت أفق خيالي 000ذكريات 00 ع00 ثم رحت أغط بنوم عميق
في إحدى الليالي كنت مناوبا في الإسعاف تم استدعاؤنا بسرعة لحادث 00 طلق ناري وكان الزحام شديدا في ردهة الإسعاف والمستخدمين (رايحين جايين) بعربات الإسعاف و على كل واحدة مريضان 00كان علينا المشي بحذر خشية الإنزلاق على الأرض المغطاة بالدماء 00طلق ناري تسمع تردد هذه العبارة 00تفكر00 طلق ناري لأكثر من عشرة أشخاص ! هل كانوا في الجبهة أم ان الجبهة جابهتهم في بيوتهم ؟
سارع كل منا لتفحص المرضى و طبعا الإصابات الشديدة لها الأولوية اقتربت من أحد المرضى فور توقف العامل بالعربة ومن نظرة واحدة عرفت أن عزرائيل قد فحصه قبلي ! سارعت لاخر و كان يصيح : نفس نفس ! لم يكن يستطيع التنفس إلا بصعوبة بالغة و قد انتفخت عنقه و الجنب الأيمن لصدره (انتفاخ رئوي تحت الجلد) طلبت نقله للعمليات فتم نقله فورا نظرت اتجاه صوت طفلة لم تتعدى الخمسة أعوام الدماء تغطيها وهي تصيح لا من الألم بل تريد الإطمئنان على عمتها :عمتي هل ماتت أم لا ؟ كانت قد اخترقت فخذها الغض عدة رصاصات و أذكر تماما شكل إليتها الصغيرة و قد فلقتها طلقة كأنها لمدفع (م-ط) قلت : حسنا اهدئي علينا معالجتك أولا لكنها استمرت بالنداء على عمتها !
كانت الحصيلة قتيلان وأكثر من عشرة جرحى عرفنا أنهم من ع00
و القصة أنه بينما كان أحدهم ينزل سلما خشبيا وإذ به (يزحط) ولامس بشكل ما زوجة أخيه (لدينا قصة مشابهة في الضيعة لكن لم تتطور أحداثها هكذا) و وصل الخبر للأخير الذي فكر وقدر (فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر) ودارت أفكاره في مخه الصغير ذات اليمين و ذات الشمال و ذات 00 الوسط لم ترق له الحادثة أبدا أخذ الكلاشنكوف خاصته و لقمه بمخزن كامل ثم توجه إلى بيت أخيه و هو بالطبع بيت عربي (غرف طويلة متجاورة) كانت إحداها (تغص بمن فيها) عائلة أخيه وبعض إخوته و أخواته و أقاربه و أصوات بريئة تشق سكون الليل وضع السلاح بوضعية (رشا) ثم دهم الباب و شرع بإطلاق النار بغزارة ( أيضا ذات اليمين وذات الشمال وذات 00الوسط)
حتى أفرغ المخزن كاملا أحس أنه ارتوى ثم ولى مدبرا ولم يعقب 0
أحسست بضيق شديد في التنفس استيقظت مذعورا وأنا أصيح : لا لا لن أذهب إلى ع00