ديون أغنى دولة في العالم

ديون أغنى دولة في العالم

[size="5"]ديــــون أمــــريــكــا

الواقع شيء وأغنى دولة في العالم شيء آخر

كل طفل أمريكي يبصر النور يجد نفسه مطالباً بتسديد 33748 دولاراً و26 سنتاً ديوناً حملته إياها حكومته، وحصته من فوائد هذه الديون هي 40 دولاراً شهرياً، فأمريكا من أكثر الدول المدينة في العالم، فهي مدينة بمبلغ 7،7 تريليون دولار، وهو مبلغ يفوق الخيال، إذ انه يزيد على 60 ضعف اجمالي ديون العالم كله، وفوائد ديونها تعادل 120 مليار دولار سنوياً.

ولو شئنا ان نقرب الصورة لقلنا انك لو حولت هذه الديون الى أوراق من فئة المائة دولار، ولصقت الأوراق الى جانب بعضها البعض، لغطت سطح الكرة الأرضية ثلاث مرات، ولبقي لديك فائض يسدد ديون بعض دول العالم الثالث، ولو جعلت من هذه الأوراق النقدية حبالاً، لصنعت عشرات الحبال التي تصل الى الشمس، ولو جرى إنفاق نصف مليون دولار في اليوم من عهد تحتمس والفراعنة الأوائل الى الآن لما نفدت هذه الأموال. وفوائد ديون أمريكا السنوية تعادل راتب 40 مليون عامل امريكي لمدة شهر، من ذوي الدخل العادي الذي يبلغ 3000 دولار شهرياً.


وفي إحدى قصص تشارلز ديكنز، يقول بطل القصة: إذا كان دخلك 21 جنيهاً وإنفاقك ،19 فإنك في نعمة، أما إذا كان دخلك 21 جنيهاً وإنفاقك ،22 فأنت بائس، وأمريكا في منتهى البؤس، فقبل اقرار ميزانيتها والموافقة على شراء ولو طاولة لمكتب أحد موظفيها، تخصم من ميزانيتها السنوية 120 مليار دولار هي فوائد الديون وتتصرف بالباقي. ولو لم تكن امريكا بهذه القوة العسكرية لكانت أوضاعها الاقتصادية كافية لإعلان انهيارها. وكل شخص، او مؤسسة، او حكومة ينفق أكثر من مدخوله لا بد ان يصاب بالإفلاس ذات يوم، ولكن أمريكا لا تفلس، إذ انها تستطيع دائماً ان تطبع دولارات جديدة وتطرحها في السوق، والدولار الأمريكي غير مغطى بالذهب، فقد رفع نيكسون الغطاء الذهبي عنه منذ السبعينات، وسعر الدولار لا تحدده تغطية ذهبية بقيمته، وإنما يتحدد بكميات الدولارات المتداولة في السوق، وكلما زادت الدولارات كلما انخفضت قوتها الشرائية.

ولكي لا تثير امريكا الرعب في الداخل فإنها تلجأ الى تغيير “السنة القياسية” التي يجرى احتساب القوة الشرائية للدولار استناداً إليها، ولكن الثابت ان الدولار خسر 75% من قوته الشرائية منذ عام 1967 وأمريكا دولة ديمقراطية، وتريد ان تصدِّر نموذجها الديمقراطي للعالم بأسره، ويبدو ان الديمقراطية على الطريقة الأمريكية، التي تحوِّل المواطن الى كائن استهلاكي هي السبب، فعندما انهار نظام نيقولاي شاوشيسكو في رومانيا لم تكن بلده مدينة بدولار واحد، ومعظم الدول التي يصفها بوش بالديكتاتورية توائم بين دخلها وإنفاقها.

واليابان وألمانيا نهضتا من بين الركام والأنقاض بعد الحرب العالمية الثانية وبنتا اقتصاداً عملاقاً يدين ولا يستدين، ولعل الولايات المتحدة بحاجة لأن تأخذ درساً من التجربة اليابانية، لأن ديونها لا تشكل خطراً على مجتمعها فقط، وإنما على العالم بأسره، وكان واضحاً ان السبب في غزو العراق وأفغانستان ليس مكافحة الارهاب او أسلحة الدمار الشامل، وإنما لأن أمريكا تطمع بثروات هذه الدول لتوفير جرعة منشطة لعضلاتها الاقتصادية.

لقد كان توماس جيرفسون يقول: ديون الدولة يجب ان تسدد خلال عشرين سنة، هي عمر الجيل الواحد من ابنائنا، وإذا لم يحدث ذلك فإن حكومة هذه الدولة تكون قد وقعت في إثم توريث الكوارث لجيل آخر من مواطنيها، وأثقلت كاهل هذا الجيل بالديون حتى قبل ان يبصر أبناؤه النور.

والأجيال الأمريكية المتعاقبة تنقل الكوارث من جيل الى جيل، منذ ما يقرب من نصف قرن من الزمن ........................منقول