الجيولوجيا التاريخية
(Historical Geology)
قصة الأرض والكائنات
تعريف الجيولوجيا التاريخية
تختص الجيولوجيا التاريخية (Historical geology) بدراسة تاريخ الأرض منذ نشأتها ولحد الآن، وتشمل هذه الدراسة مجمل الأحداث الفيزيائية (الطبيعية) والعضوية (الحياتية).
(1) التاريخ الطبيعي للأرض: ويشمل تكون الأرض ونشوء القارات والمحيطات، وتاريخ حركة الأطباق الأرضية، وعمليات بناء الجبال، والتغيرات المناخية للأرض والعصور الجليدية فيها.
(2) التاريخ الحياتي للأرض: ويشمل بدايات ظهور الحياة على الأرض، ابتداءً من الأشكال البسيطة لها ولغاية ظهور الإنسان. وهذا يشمل ظهور الأنواع المختلفة للكائنات بمملكاتها الأربعة وهي: مملكة المونيرا، ومملكة الطليعيات، ومملكة النباتات، ومملكة الحيوانات.
في التأريخ الفيزيائي للأرض....
- نشوء الكون والمجموعة الشمسية.
- مقياس الزمن الجيولوجي.
- نظرية الأطباق ونشوء القارات والمحيطات.
- تأريخ القارت والمحيطات
- التغيرات المناخية للأرض
نشوء الكون والمجموعة الشمسية
مقدمة: منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض وهو يتساءل عن اصل الأشياء وأسباب تكونها وكيفية تكونها، ومن التساؤلات المهمة والقديمة والتي شغلت الأذهان هو السؤال المتعلق بأصل الكون. وقد ظهرت العديد من الأفكار والآراء بعضها يعد أساطير وبعضها الآخر أصبح أفكار غير واقعية وبعضها نظريات عفا عليها الزمن. والنظرية الحديثة التي تفسر اصل الكون والتي لاقت رواجاً بين العلماء هي (نظرية الانفجار العظيم). أما النظرية التي تفسر أصل المجموعة الشمسية فهي (النظرية السديمية)، وهي تعد جزءاً من نظرية الانفجار العظيم ولكننا فضلنا دراستها على حدة لتسهيل عملية الفهم لدى القارئ. أما فيما يتعلق بنشوء القمر، والذي يعد مهماً بالنسبة لنا لأنه التابع الوحيد للأرض، فأن هناك العديد من النظريات التي حاولت أن تفسر نشأته، ولكن أبرزها وأكثرها حداثة وقبولاً في الأوساط العلمية هي (نظرية التصادم). وسوف نتطرق إلى كل من هذه النظريات الثلاث (نظرية الانفجار العظيم، والنظرية السديمية، ونظرية التصادم) بشيء من التفصيل فيما يلي:
أولاً: نظرية الانفجار العظيم (Big Bang Theory):
تمهيد: الانفجار العظيم حادث كوني وقع قبل (15 بليون) سنة عندما كان الكون كله مضغوطاً في جزيء ذري واحد بشكل نقطة واحدة أطلق عليها العلماء اسم (الذرة البدائية) أو (الحساء الكوني). وأن حجم هذه النقطة كان يساوي الصفر وكتلتها لا نهائية. أي أن الكون كان عبارة عن طاقة خالصة. وأن الصيغة النهائية التي يمكن اختصار النظرية بها هي: أنه قبل (15) بليون سنة وقع انفجاراً هائلاً في ذرة بدائية كانت تحتوي على مجموع المادة والطاقة. وفي اللحظات الأولى من الانفجار الهائل ارتفعت درجة الحرارة إلى عدة تريليونات، حيث خلقت فيها أجزاء الذرات، ومن هذه الأجزاء خلقت الذرات، وهي ذرات الهيدروجين والهليوم، ومن هذه الذرات تألف الغبار الكوني الذي نشأت منه المجرات فيما بعد، ثم تكونت النجوم والكواكب ـ وما زالت تتكون ـ وفي غضون ذلك كان الكون وما زال في حالة تمدد وتوسع، وبذلك فان الانفجار العظيم أدى ليس فقط إلى ظهور جزيئات ذرية جديدة بل إلى وجود مفهومي الزمان والمكان اللذين كان يستحيل الحديث عنهما قبل المادة. العلماء الذين أسسوا لنظرية الانفجار العظيم عديدين، ولكن أبرزهم: القس البلجيكي جورج لو ميتير(George Le Maitre) الذي اقترح سنة (1927) صورة جديدة لنشأة الكون وتطوره، وقد وافقه على ذلك جورج كاموف (George Gamov).
أدلة حدوث الانفجار العظيم: هناك عدد من الظواهر التي تشير إلى حدوث الانفجار العظيم:
(1) الاتساع المستمر للكون (Continuously Expanding of Universe): لاحظ العلماء بأنه في كل مكان من الكون هناك مجرات (Galaxies) تتباعد إحداها عن الأخرى بسرعات هائلة جداً. فمنذ بداية القرن التاسع عشر لاحظ علماء الفضاء وجود خطوط داكنة بين ألوان الطيف الشمسي لدى تحليلهم لضوء الشمس. ومع تطور معدات رصد الفضاء والنجوم ظلت هذه الخطوط ماثلة، وتبين فيما بعد أن هذه الخطوط تشير إلى انبعاث الهيدروجين من النجوم، وأثبت الفيزيائي الفرنسي (أرمان فيزو) أن الأجسام السماوية تترك عند تحليل طيفها لوناً أكثر احمراراً في حال كانت تقترب من مركز المراقبة، ولكنه يميل إلى الأزرق عندما تبتعد.
وعمل أدوين هابل (Edwin Hubble) في النصف الأول من القرن العشرين على تطوير هذه الاكتشافات. وقد توصل هابل باستخدام تلسكوبه الشهير (تلسكوب هابل) من التوصل إلى فكرة توسع الكون إذ أكد أن النجوم والمجرات تبتعد عن مركز الرصد والذي هو الأرض، وكذلك تبتعد عن بعضها البعض. وبعد مجموعة من المقارنات وصل إلى وضع قانون عرف باسمه مفاده (إن سرعة النجم تتناسب تناسباً طردياً مع مربع المسافة التي تفصلنا عنه، أي أن النجم كلما كان بعيداً كلما ازدادت سرعة ابتعاده عنا). كما أن المجرات تبتعد عن بعضها البعض أيضاً. وقد حاول العلماء تشبيه هذه الظاهرة بانفجار قنبلة، فشظاياها تبدأ بطيئة ثم تتسارع ومن ثم تتباطأ، وكل شظية سوف تبتعد عن البقية بنفس الطريقة.
ولكي نفهم الفكرة أكثر، احضر بالون وارسم عليه مجموعة من النقاط. اعتبر البالون هو الكون والنقاط هي المجرات، أبدأ بنفخ البالون، سترى أن النقاط كلها تبتعد عن بعضها، وكلما ازداد اتساع البالون كلما ازداد بعد النقاط أكثر. وهذا ما يحدث في الكون بالضبط.
وقد كان انشتاين في البدء من مؤيدي فكرة الكون الساكن (غير المتوسع) الذي تتوزع المادة فيه بصورة متساوية، لذلك اضطر إلى أن يضيف إلى أحد معادلاته الرياضية رقماً يدعى بالثابت الكوني
(Cosmological Constant) لتكون معادلته منسجمة مع ما هو معتقد في ذلك الوقت من سكون الكون، لكن حساباته برهنت له ما يناقض فكرته الأصلية تماماً وانتهى به المطاف إلى تأكيد أن الكون قابل للتوسع والانكماش مما دفعه إلى تعديل نظريته الأولى وتبنى تصور عن كون كروي من أربعة أبعاد. وقد قال انشتاين عن الثابت الكوني انه (اكبر خطأ في حياتي).
(2) الخلفية الإشعاعية (Background Radiation): في عام (1948) توصل العالم (جورج كاموف) (George Gamov)، وهو فيزيائي أمريكي من اصل روسي، إلى فكرة جديدة تتعلق بالانفجار الكبير، مفادها أنه إذا كان الكون قد تشكل فجأة فأن الانفجار كان عظيماً ويفترض أن تكون هناك كمية قليلة محددة من الإشعاع تخلفت عن هذا الانفجار والأكثر من ذلك يجب أن تكون متجانسة عبر الكون كله.
وبعد عقدين من الزمن كان هناك برهان رصدي قريب لحدس كاموف، ففي عام (1964) قام باحثان يعملان في مختبرات شركة بل للتليفونات بمدينة نيوجرسي هما (آرنو بنزياس) (Arno Penziaz) و (روبرت ويلسون) (Robert Wilson) بإجراء تجربة تتعلق بالاتصال اللاسلكي وبالصدفة عثرا على إشارات راديوية منتظمة الخواص، قادمة من كافة الاتجاهات في السماء وفي كل الأوقات وبصورة مستمرة. وفُسرت هذه الإشارات الراديوية على أنها بقية الإشعاع الذي نتج عن عملية الانفجار الكوني العظيم. وقد قدرت درجة حرارة تلك البقية الإشعاعية بحوالي ثلاث درجات مئوية، ومنح بنزياس و ويلسون جائزة نوبل لاكتشافهم هذا.
وقد تحققت وكالة ناسا (NASA) الأمريكية عام (1989) من النتائج التي توصل أليها كل من ينزياس وويلسن عن الخلفية الإشعاعية للكون بواسطة إرسال قمر صناعي إلى الفضاء أسموه (COBE) وهو مختصر لعبارة
(Cosmic Background Explorer) والتي تعني (مستكشف الخلفية الإشعاعية) كان الغرض من إرساله التحري عن الموجات الكونية الدقيقة (Cosmic Microwave) وزودته بأحدث الأجهزة الحساسة، واحتاج هذا القمر إلى ثماني دقائق فقط للعثور على هذا الإشعاع وقياسه، بلغ ارتفاع هذا القمر (600 كم) حول الأرض، وقد وجد أن درجة حرارة الخلفية الإشعاعية للكون بأقل من ثلاث درجات مئوية (تحديداً 2.735 مئوية). وقد أثبتت هذه الدراسة تجانس مادة الكون وتساويه التام في الخواص قبل الانفجار وبعده، أي من اللحظة الأولى لعملية الانفجار الكوني العظيم وانتشار الإشعاع في كل من المكان والزمان مع احتمال وجود أماكن تركزت فيها المادة الخفية التي تعرف باسم المادة الداكنة (Dark Matter). كذلك قام هذا القمر الصناعي بتصوير بقايا الدخان الكوني الناتج عن عملية الانفجار العظيم على أطراف الجزء المدرك من الكون (على بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية) وأثبتت أنها حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل تكون المجرات.
(3) كمية غازيّ الهيدروجين والهليوم في الكون: تشير الدراسات الحديثة عن توزيع العناصر المعروفة في الجزء المدرك من الكون إلى أن غاز الهيدروجين يكون أكثر قليلاً من (74%) من مادة الكون، ويليه في النسبة غاز الهليوم الذي يكون حوالي (24%) من تلك المادة. ومعنى ذلك أن أخف عنصرين يكونان معاً أكثر من (98%) من مادة الكون المنظور، أما بقية العناصر مجتمعة (عدد العناصر المكتشفة هو 105 عنصر) فتكون أقل من (2%) من مادة الكون. وهذه الأرقام تدعم نظرية الانفجار العظيم، إذ أن جورج كاموف استطاع بطرق حسابية أن يتوصل إلى هذه النسب من قبل أن يتم حسابها بالطرق التجريبية بعشرات السنين. فضلاً عن ذلك، فان هذه النسب تؤكد أن للكون بداية، لأنه لو كان الكون بلا بداية فمعنى ذلك أن كل غاز الهيدروجين يجب أن يكون قد احترق وتحول إلى غاز الهليوم.
مراحل نشأة الكون: يمكن تقسيم نشوء الكون وتطوره وفق نظرية الانفجار العظيم إلى خمسة مراحل رئيسة هي:
المرحلة الأولى: وهي المرحلة التي تسبق الزمن (10^-43). يطلق على هذه المرحلة بمرحلة التفرد (Singularity) ففي هذه المرحلة لا وجود للذرات والجسيمات الأولية، فكلها مندمجة لتشكل شيئاً ما غامضاً لا يمكن معرفة كنهه، هذه المرحلة لا تخضع لأي قانون فيزيائي وتبقى مرحلة غامضة لا تفسرها الرياضيات الفيزيائية، فالعلماء عاجزين عن وصف أو تخيل أي شيء عقلاني أو مما يمكن قبوله عقلاً فيما يتعلق بزمن الصفر المطلق، حينما لم يكن هناك شيء قد حدث بعد. وراء الزمن المذكور الذي هو (10^-43) يقع زمن بلانك (Planck Time) الشهير، الذي سمي بهذا الاسم نسبة للعالم الفيزيائي الشهير ماكس بلانك (Max Planck)، هذا الزمن يمثل نقطة من الزمن لا احد يعرف ما حدث قبلها، وهي في نظرية الانفجار العظيم متمثلة بما قبل الزمن (10^-43) ثانية. وهو الأمر الذي دعا العلماء إلى تسمية نقطة الزمن هذه بالحائط. وكان ماكس بلانك أول من أشار إلى استحالة تفسير الذرات في المرحلة التي تكون فيها الجاذبية متطرفة.
المرحلة الثانية: تبدأ من (10^-43) ثانية ولغاية (1) ثانية. في زمن مقداره (10^-43) حدث الانفجار العظيم. وكان قطر الكون (10^-33) سنتيمتر، أي اصغر من قطر نواة الذرة الذي يبلغ (10^-13) سنتيمتر. القوى الأربعة الموجودة الآن في الكون (القوة النووية الشديدة، والقوة النووية الضعيفة، والقوة الكهرومغناطيسية، وقوة الجاذبية) كانت متحدة مع بعضها مكونة نوع واحد من الطاقة، أما الحرارة فكانت تبلغ (10^+32) كالفن أي اكبر من حرارة الشمس التي تبلغ (6000) درجة مئوية عند السطح و(20) مليون درجة مئوية في المركز. ودرجة حرارة الكون هذه تعد حدود الحرارة القصوى التي تنهار وراءها جميع القوانين الفيزيائية التي نعرفها. أما مادة الكون فكانت مكونة من قسيمات بدائية غير موجودة الآن، وهي أسلاف الكاركات (Quarks) التي تعد احد عناصر المادة. وكانت هذه القسيمات البدائية تتفاعل فيما بينها بشكل مستمر، وكان الكون يكبر ويتمدد بشكل دائم.
من (10^-35) ثانية ولغاية (10^-32) ثانية، تضخم الكون بمقدار (10^+50) مرة عن حجمه الأصلي، فمن حجم اقل من نواة الذرة إلى حجم كرة قطرها (10) سنتيمترات. وهذا التوسع الهائل اكبر من التوسع الذي حصل من حينها إلى الآن، فمعدل التضخم الآن صار ضعيفاً نسبياً فهو بمقدار (10^+9)، بعبارة أخرى نقول أن فارق الحجم الموجود بين الجزء الأولي للكون وبين الكرة هو أكبر نسبياً من الفارق بين الكرة وبين حجم الكون الآن.
يستمر توسع الكون وبرودته، ويحصل شيء مهم في الفترة ما بين (10^-11) ثانية إلى (10^-15) ثانية، إذ تختفي جميع القسيمات البدائية تاركة المجال للبارتيكولات (Particules) وهي اصغر الأجزاء المكونة للمادة المعروفة الآن، كما أن القوى الأربعة أخذت بالتفكك والانفصال، وتم ذلك عند درجة حرارة مقدارها (10^+15) كالفن. و نتيجة لاستمرار توسع الكون وانخفاض درجة حرارته، وعند الزمن (10^-10) ثانية وما بعده فان العديد من الدقائق بدأت بالتكون. هذه الدقائق تدعى بـ (Baryons) وتتضمن الفوتونات (Photons) ونيوترينوات (Neutrinos) والاليكترونات (Electrons) والكواركات (Quarks) والتي سوف تصبح المادة التي تبنى منها كتلة المادة والأحياء التي نعرفها اليوم. وكان حجم الكون ألف ضعف حجمه السابق، أي أن حجمه أصبح بحجم مجموعتنا الشمسية.
المرحلة الثالثة: من (1) ثانية إلى (3) دقائق، كانت درجة حرارة الكون أكثر من (10) بليون درجة مئوية. درجة الحرارة هذه يمكن الوصول أليها في انفجارات القنابل النيتروجينية. وفي هذه المرحلة كان الكون مؤلف من فوتونات والكترونات، والجزيئات الذرية الفرعية مثل النيوترون والبروتونات. ومع استمرار الانخفاض في درجة الحرارة فان البروتونات، أصبحت أكثر شيوعاً حتى وصلت نسبتها حوالي سبعة أضعاف النيوترونات. اتحد كل نيوترون مع بروتون ليشكلا زوجاً يدعى بالدوتيريوم (Deuterom) التي تجمعت لتكون نوى عنصر الهليوم، الذي يحتوي على بروتونين ونيوترونين، واستمرت هذه العملية حتى اندمجت كل النيوترونات مع البروتونات لتكوين الهليوم، أي اختفت جميع النيوترونات من الكون. وهذا يعني أن الهليوم يشكل تقريباً ربع مكونات الكون.
المرحلة الرابعة: من (3) دقائق إلى (100 مليون) سنة، لم تتكون الذرات ألا بعد (300 ألف) سنة، وانخفضت درجات الحرارة إلى (3000) كلفن، مما سمح لذرات الهيدروجين بالظهور والبقاء دون فناء. وبعد برودة الكون ظهرت الذرات المتعادلة (Atoms Neutral) بكثرة. وكان الكون أصغر مما هو عليه الآن بكثير جداً وتجمعت الذرات المتعادلة مكونة غيوماً غازية، من هذه الغيوم الغازية ظهرت النجوم الأولية وغدا الكون شفافاً وأصبح الضوء ينطلق لسنوات ضوئية دون مواجهة خطر الامتصاص ولم تكن الرؤية ممكنة قبل ذلك الوقت لأن الضوء كان يُمتص مما يجعل رصده ـ لو قدر أن رصد ـ مستحيلاً. وبعد حوالي (32 مليون سنة) بعد عملية الانفجار العظيم إلى اليوم بدأ خلق أغلب العناصر المعروفة لنا (وهي أكثر من مئة وخمسة عناصر) بعملية الاندماج النووي في داخل النجوم حتى تكون عنصر الحديد في داخل المستعمرات المتوهجة العظمى، وتكونت العناصر الأعلى وزناً من نوى ذرات الحديد باصطيادها اللبنات الأولية للمادة المنتشرة في صفحة السماء.
المرحلة الخامسة: من (100 مليون) سنة إلى (الوقت الحاضر)، عندما بلغ الكون خمس حجمه الحالي تشكلت المجرات الفتية (Galaxies Young) من تجمع النجوم. وعندما بلغ الكون نصف حجمه الحالي تكونت المجاميع الشمسية (Solar Systems) التي تتكون من نجم يدور حوله عدد من الكواكب في مدارات خاصة بكل كوكب، أما منظومتنا الشمسية المسماة بدرب اللبانة (Milky Way) فقد تكونت بعد (10 بليون) سنة من حدوث الانفجار العظيم، عندما كان حجم الكون ثلثي حجمه الحالي. الكيفية التي تكونت بها الأنظمة أو المجاميع الشمسية فسرت وفق النظرية السديمية التي أصبحت اليوم جزءً من نظرية الانفجار العظيم، والتي سوف نتطرق لها بشيء من التفصيل فيما يلي.
ثانياً: النظرية السديمية (Nebular Theory):
تمهيد: عرفنا في الفقرات السابقة كيف تكونت المجرات، وذكرنا أن كل مجرة تتكون من مجموعة من النجوم الساخنة، وتدور حول كل من هذه النجوم مجموعة من الكواكب. والآن نود التعرف على كيفية تكون مجموعتنا الشمسية وموقعها في الكون الواسع.
مجرة درب اللبانة (Milky Way): تقع مجموعتنا الشمسية في مجرة تدعى درب اللبانة، وهي عبارة عن قرص مفلطح من النجوم والغاز والغبار الكوني ولها ذراعين حلزونيين، للمجرة قطر مستعرض يتراوح طوله بين (100 – 200) ألف سنة ضوئية وقطر قطبي يبلغ طوله حوالي (100) ألف سنة ضوئية، وتدور حول محورها مكملة دورة واحدة بفترة تقارب (200) مليون سنة. تحتوي مجرة درب التبانة على (100000) مليون نجمة مختلفة الحجم والبريق، واحدة من هذه النجوم هي الشمس التي هي عبارة عن نجم متوسط الحجم ومعتدلة البريق، وتقع في حافة مجرة درب اللبانة، والشمس تقع في مركز المجموعة الشمسية التي تتكون من الشمس و(10) كواكب (Planets) و(61) قمر (Moons) وأكثر من (1500) كويكب (Planetoid) وعدد لا يحصى من المذنبات (Comets) والنيازك (Meteorites).
نشوء المجموعة الشمسية: الفكرة العامة لنشوء المجموعة الشمسية تتمثل في أن نظامنا الشمسي كان يتكون من غيمة من الغاز والغبار يطلق عليها اسم السديم (Nebula)، تقع في أعماق الذراع الحلزوني لمجرة درب اللبانة التي هي واحدة من المجرات العديدة التي تكونت بسبب الانفجار العظيم. الغيمة الضخمة هذه كانت تتكون من عنصرين خفيفين هما الهيدروجين والهليوم مع قليل من الأوكسجين وحتى كميات صغيرة من العناصر النادرة (Heavy Elements) مثل السليكون والحديد. السديم يدور ببطيء حول مركزه الذي يتكون من كتلة تحتوي على دوامات معقدة (Complicated Eddies) نشأت بسبب ما يعرف بالسقوط أو الانقلاب الجذبي
(Gravitational Collapse). وتحت تأثير قوة الجاذبية اخذ السديم شكل القرص الدوار (Rotating Disk) مع زيادة في حرارة وكثافة الكتلة عند المركز والتي أدت بالنهاية إلى تكون الشمس. الجزء الخارجي من الغيمة (السديم) كان بالطبع هو الأكبر والأكثر برودة، لذلك فأن مواده ـ مثل الماء والامونيا والميثان ـ تصلبت كالثلج واطئ الكثافة. المواد القريبة من الشمس بقيت بهيئة بخار ولكن السليكون والحديد والألمنيوم والمواد المشابهة استطاعت الاتحاد مع الأوكسجين وتبلورت عند درجات حرارة عالية إلى مواد صلبة مؤدية إلى تكوين مواد صخرية كثيفة. على أية حال، هذه المواد لم تكن تتكاثف (Aboundant) كالمواد الجليدية التشكل، لذلك فان التاريخ المبكر من النظام الشمسي شهد انتشاراً وتفاضلاً في المواد. المواد السيليكاتية التي تكون مستقرة في درجات حرارة عالية تمركزت في الأقاليم الوسطية من الغيمة السديمية، بينما المواد الجليدية الصلبة تكون شائعة بالقرب من حافة الغيمة السديمية.
بعد فترة قصيرة نسبياً، ربما اقل من (100) ألف سنة بعد تكون السديم، فان الدقائق الصغيرة في النظام الشمسي الجنيني أو غير الناضج (Embryonic Solar System) أصبحت اكبر واكبر حتى أصبحت أجساماً بحجم احد الكواكب السيارة الواقعة بين المريخ والمشتري والذي يدعى بالسيير (Asteroid) متكونة من الصخور والجليد تدعى بالكواكب البدائية (Planetesimals). عندما تتحرك هذه الكواكب البدائية في مدارات حول الشمس فأنها تصبح أجساماً أكبر قادرة على النمو بواسطة التعاظم الجذبي (Gravitational Accretion) الذي يجعلها تكنس أو تجمع العديد من المواد الأصغر القريبة من مداراتها، وبذلك فان هذه الكواكب البدائية تصبح كواكب رئيسة.
إن حجم ومكونات الكواكب يعتمد بالدرجة الأساس على بعدها عن الشمس. ففي الأقاليم القريبة من الشمس، ذات الحرارة العالية، فأن الفلزات النادرة والسيليكات يمكن أن تتبلور إلى مواد صلبة تتجمع لتكون الكواكب. أما في الأقاليم البعيدة عن الشمس، ذات الحرارة الواطئة أو الباردة حتى، فأن المواد التي لها القدرة على التبلور في درجات الحرارة الواطئة مثل الماء والميثان والنيتروجين يمكنها أن تصبح صلبة بشكل جليد وتتجمع لتكون الكواكب. ولأن هذه العناصر سريعة التبخر تكون أكثر غزارة من السيليكات فان أجسام جليدية اكبر تتكون في الأقاليم الخارجية البعيدة من النظام الشمسي، لذلك ففي الأقاليم الباردة بصورة كافية في النظام الشمسي تتكون أجسام جليدية كبيرة من تجمع غازي الهيدروجين والهليوم مكونة الكواكب العملاقة (Giant Planets).
كثير من مواد السديم تدور في داخله متوجه نحو مركز النظام الشمسي، نتيجة لهذا التجمع يتولد ضغط شديد يرفع من درجة حرارة مركز النظام الشمسي إلى الحد الذي يصبح فيه هذا المركز عبارة عن فرناً نوويا ضخماً
(Vast Nuclear Furnace) ليكون نجمة جديدة هي الشمس (Sun). في أثناء ذلك، كانت الكواكب الرئيسة وتوابعها تدور في مداراتها حول الشمس كانسةً اغلب القطع المتبقية بالقرب من مداراتها، هذه المرحلة النهائية من الشكل الكوكبي مسجلة بشكل واضح بواسطة مناطق الفوهات (Cratered Terrain) الموجودة على أسطح كل من القمر وعطارد والمريخ والعديد من الأجسام الكوكبية.
جميع الأجسام الكوكبية كانت ترتفع درجة حرارتها بسبب تصادم عدد من الكواكب البدائية التي تكونها مع بعضها، إذا كان هذا الارتفاع في درجة الحرارة كافياً لإذابة الكوكب فان المواد المكونة له سوف تتفاضل (Differentiated)، حيث أن المواد الأكثر كثافة تنزل لتتجمع في مركز الكوكب مكونة اللب (Core) والمواد الأخف تتجمع بالقرب من السطح. هذه العملية تعرف بعملية التفاضل الكوكبي (Planetary Differentiation) وتقود إلى تكوين طبقات في الكواكب المكونة للنظام الشمسي.
أنواع الكواكب في المجموعة الشمسية: تكونت في مجموعتنا الشمسية ثلاثة أنواع من الكواكب، قسمت اعتماداً على بعدها من الشمس إلى مجموعتين هي المجموعة الكواكب الداخلية ومجموعة الكواكب الخارجية:
(1) الكواكب الداخلية (Inner Planets): وهي الكواكب القريبة من الشمس، والتي تكون صغيرة ومكونة غالباً من عنصري السليكا والحديد، أي أنها مكونة من مواد صخرية. تمتاز هذه الكواكب بوجود نشاط حراري داخلي والذي يؤدي بدوره إلى حدوث نشاط تكتوني (حركي) على سطحها يتمثل بتكون الجبال والبراكين والزلازل. وهي متمثلة بعطارد (Mercury) والزهرة (Venus) والمريخ (Mars) والأرض (Earth).
(2) الكواكب الخارجية (Outer Planets): وهي الكواكب البعيدة عن الشمس، والتي تكون أما كبيرة أو صغيرة ومكونة غالباً من غازات الهيدروجين والهليوم والأوكسجين. لذلك فان بعضها يكون مغطى بالماء المتجمد وهي تعرف بالكواكب الجليدية (Icy Planets) وتكون عادة صغيرة الحجم، وبعضها الآخر يتكون من غازات ويكون كبير الحجم جداً لذلك تدعى بالعملاق الغازي (Gas Giant)، تمتاز هذه الكواكب بعدم وجود نشاط حراري داخلي وبالتالي فان سطحها يكون خالياً من النشاطات الحركية. وهي متمثلة بالمشتري (Jupiter) وزحل(Saturn) ويورانوس (Uranus) ونبتون (Neptune) وبلوتو (Pluto).
ثالثاً: نظرية التصادم (Collision Theory):
تمهيد: القمر هو التابع الوحيد للأرض، يبلغ قطره حوالي (3476 كم) أي ما يزيد قليلاً على ربع قطر الأرض. وسكان الأرض يرون دائماً نفس وجه القمر ولا يرون الوجه الآخر له، والسبب في ذلك يعود إلى أن المدة التي يستغرقها ليقوم بدورة كاملة حول نفسه تتساوى مع المدة التي يستغرقها للقيام بدورة فلكية كاملة حول الأرض والتي تبلغ مدتها (27.3 يوم)، تتغير مسافة القمر عن الأرض بين (356410 كم) عندما يكون في اقرب نقطة من الأرض إلى (406697 كم) عندما يكون في ابعد نقطة من الأرض. ويزداد معدل ابتعاد القمر عن الأرض سنوياً.
النظريات القديمة لنشوء القمر: هناك عدة نظريات تحدثت عن نشوء القمر منها:
(1) نظرية الانشطار: بحسب هذه النظرية أدى دوران الأرض السريع حول محورها بعد تكونها بقليل إلى انشطار قطعة كبيرة منها، هذه القطعة الكبيرة تحولت لتكون القمر، يرى البعض أنه لم تنفصل عن الأرض قطعة واحدة بل مجموعة من القطع الصغيرة المتناثرة التي سرعان ما تجمعت مع بعضها نتيجة لدورانها حول الأرض مشكلة القمر. أي أن القمر هو ابن الأرض لأنها هي التي ولدته. إن تحليل العينات الصخرية القمرية التي عاد بها رواد الفضاء الذين كانوا على متن السفينة الفضائية (ابولو) من على سطح القمر قبل ما يزيد على عشرين سنة، أثبتت وجود فروقات أساسية وواضحة بين التركيب الصخري للقمر والتركيب الصخري للأرض، وهكذا فلا بد من طرح هذه النظرية جانباً.
(2) نظرية الاقتناص: ترى هذه النظرية أن القمر تكون في مكان ما خارج مجموعتنا الشمسية، ودخل أليها بالمصادفة فاقتنصته الأرض بواسطة قوة الجاذبية وجعلته تابعاً لها يدور حولها. أي أن القمر هو الابن الضال الذي تبنته الأرض.
(3) نظرية الدقائق: ترى هذه النظرية أن القمر تكون بنفس الطريقة التي تكونت بها الأرض وفي نفس الفترة، وذلك من تجمع الغبار الكوني وبقايا القطع الصخرية التي كانت تشكل السديم الذي تكونت منه الأرض، حيث أن هذا الغبار والقطع الصخرية تجمعت مع بعضها لتكون القمر.
النظرية الحديثة لنشوء القمر: نظرية التصادم، هي أحدث النظريات في هذا الخصوص، ظهرت في التسعينيات من القرن الماضي، ترى أن القمر تكون نتيجة تصادم جسم ضخم يوازي قطره قطر المريخ (6720 كم) بالأرض، فتناثرت عدة قطع نتيجة لهذا التصادم، ثم تجمعت هذه القطع لتشكل القمر. اصطدم هذا الجسم بالأرض بصورة مائلة، وهذا ما أدى إلى تناثر الجزء الخارجي منه ومن الأرض أيضاً، أما نواته فقد اتحدت مع نواة الأرض وذلك بسبب كثافتها العالية، الأجزاء الخارجية من الجسم ومن الأرض تطايرت لتدور حول الأرض، ونتيجة لتصادمها مع بعضها البعض أثناء دورانها هذا، التحمت مع بعضها مكونة القمر، وقد استطاعت هذه النظرية أن تفسر التشابه الكبير في كثافة القمر مع كثافة الجز الخارجي من الأرض، فكلاهما تكونا من نفس المادة، حدث هذا التصادم بعد تكون الأرض بـ (60) مليون سنة أي قبل حوالي (4540) مليون سنة، وقد تم حساب زمن التصادم باستخدام النظائر المشعة (Radioisotope)، وهذه النظرية تعد من أكثر النظريات قبولاً هذه الأيام في الأوساط العلمية.
تطور ونضوج الأرض:
تمهيد: بعد أن تكونت الأرض من السديم الغازي، شهدت العديد من التغيرات التي مهدت لوصولها إلى ما هي عليه الآن. أبرز هذه التغيرات تتمثل بتكون الأغلفة الداخلية للأرض (اللب والجبة والقشرة) والأغلفة الخارجية (الغلاف الغازي والغلاف المائي والغلاف الحياتي). وفيما يلي شرح مبسط لكيفية تكون هذه الأغلفة الداخلية والخارجية للأرض.
تكون الأغلفة الداخلية: عندما بدأت الأرض بالتكون نتيجة لتجمع المواد الصلبة الصخرية المختلفة الأحجام والكثافات، حدث ما يعرف بالتفاضل أو التباين (Differential) بين هذه المواد التي كانت مواد سائلة أو مائعة في بدايتها، المواد الثقيلة نزلت إلى مركز الأرض مشكلة اللب (Core) بينما المواد الأخف ارتفعت إلى الأعلى مكونة القشرة (Crust)، بينما المواد ذات الكثافة المتوسطة احتلت الجزء الوسطي من الأرض بين القشرة واللب لتكون ما يدعى بالجبة أو العباءة (Mantle).
تكون الأغلفة الخارجية: بعد أن تصلب الجزء الخارجي للأرض وتكون القشرة الصلبة، حدث نشاط إشعاعي في منطقة الجبة التي لم تتصلب، كانت نتيجة هذا النشاط الإشعاعي توليد حرارة عالية في منطقة الجبة التي أدت إلى تكوين تيارات حمل حراري (Thermal Convection Currents).عملت تيارات الحمل الحراري هذه على تشقق القشرة الصلبة وخروج الصهير من منطقة الجبة بشكل نشاط بركاني عنيف جداً. هذا النشاط البركاني أدى بدوره إلى تحرير كميات كبيرة من الغازات المختلفة التي تجمعت حول الأرض وتفاعلت مع بعضها لتكون الغلاف الغازي للأرض (Atmosphere)، والذي كان يختلف في مكوناته ونسبها بشكل كبير عما هو عليه اليوم، إذ افترض العلماء وجود كميات كبيرة من الهيدروجين في الغلاف الغازي الأولي للأرض وذلك لأن الهيدروجين من المكونات الرئيسة في الكون كما ذكرنا سابقاً. تواجد الهيدروجين أما كان حراً أو متحداً الأوكسجين مكوناً بخار الماء (H2O).
نتيجة تجمع بخار الماء في الغلاف الغازي بكميات كبيرة كانت تساقط الأمطار الغزيرة التي تجمعت في المنخفضات الواسعة المنتشرة على سطح الأرض، وبالتالي تكونت المحيطات والبحار والأنهار والمياه الجوفية والتي نطلق عليها جميعاً بالغلاف المائي للأرض (Hydrosphere). من الجدير بالذكر أن المنخفضات الموجودة على سطح الأرض في الماضي والحاضر، ناتجة من تباعد أجزاء القشرة الأرضية المعروفة بالإطباق الأرضية (Plates) عن بعضها بسبب حركة تيارات الحمل الحراري. و بعد أن تكون الغلافان الغازي والمائي، أصبحت الأرض مهيأة لاستقبال الحياة عليها وتكوين الغلاف الحياتي للأرض (Biosphere). وسوف نتناول موضوع بدأ الحياة وتطورها في فصول لاحقة، ولكن نجد من المناسب التنويه إلى أن كيفية ظهور الحياة ما يزال من الأسرار التي لم يتمكن العقل البشري، رغم انجازاته الكبيرة من حله.
مستقبل الكون:
ذكرنا فيما سبق أن الكون بدأ بالتوسع منذ بداية انفجار الكون، والسؤال الذي ينبغي لنا الإجابة عنه قبل إنهاء هذا الفصل هو: ما هي نهاية هذا التوسع؟ وبعبارة أخرى، ما هي نهاية الكون؟ لقد طرح العلماء ثلاث احتمالات لطبيعة التوسع في المستقبل، كانت نتيجة هذه الاحتمالات وضع ثلاث نماذج تعبر عن مستقبل الكون:
(1) نموذج الكون المفتوح (Open Universe): يتوقع فيه العلماء أن الكون سوف يستمر في التوسع إلى مالا نهاية، وذلك بافتراض استمرار قوة الدفع إلى الخارج بمعدل أقوى من قوى الجاذبية التي تشد الكون إلى الداخل في اتجاه مركزه.
(2) نموذج الكون المغلق (Closed Universe): يتوقع فيه العلماء أن الكون سوف تتباطأ سرعة توسعه مع الزمن، إذ أن الحسابات الرياضية تشير إلى أن معدلات التمدد الكوني عقب عملية الانفجار العظيم مباشرة كانت أعلى بكثير من معدلاتها الحالية. ومع تباطؤ سرعة توسع الكون تتفوق قوى الجاذبية على قوة الدفع نحو الخارج، فتأخذ المجرات بالاندفاع نحو مركز الكون بسرعة متزايدة، جامعة مختلف صور المادة والطاقة فيبدأ الكون في الانكماش والتكدس على ذاته، ويجتمع كل من المكان والزمان حتى تتلاشى كل الأبعاد أو تكاد، وتتجمع كل صور المادة والطاقة المنتشرة في أرجاء الكون حتى تتكدس في نقطة متناهية في الضآلة، تكاد تصل إلى الصفر أو العدم، ومتناهية في الكثافة والحرارة إلى الحد الذي تتوقف عنده كل قوانين الفيزياء المعروفة، أي يعود الكون إلى حالته الأولى. وتسمى عملية تجمع الكون وعودته إلى وضعه الأصلي بنظرية الانسحاق الكبير (Big Crunch Theory).
(3) نموذج الكون المتذبذب (Oscillating Universe): يتوقع فيه العلماء أن الكون سوف يبقى متذبذباً بين الانسحاق والانفجار، أي بين الانكماش والتمدد في دورات متتابعة ولكنها غير متشابهة إلى مالا نهاية تبدأ بمرحلة التكدس على الذات ثم الانفجار والتمدد ثم التكدس مرة أخرى وهكذا.