كلب تعلم آداب المجتمع

بينما كنت أقرأ كتاب ( طرائف وملح ) لارفه عن نفسي بعيدا عن الاخبار والسياسة والقيل والقال التي انهكت عقولنا رغبة في استرجاع التركيز وقفت عند قصة للكاتب ( علي الطنطاوي )
من كتابه ( مقالات في كلمات ) وقد نقلها صاحب كتاب طرائف وملح للكاتب ( موسى الاحمدي )تقول القصة :
(( حدثني رجل كبير القدر ،صادق اللهجة قال : كنت في لندن ، فرأيت صفا طويلا من الناس ، يمشي الواحد منهم على عقب الاخر ، ممتدا من وسط الشارع الى آخره ، فسألت ، فقالوا : إن
هنا ( مركز توزيع ) ، وإن الناس يمشون إليه صفا ، كلما جاء واحد أخذ آخر الصف ،فلا يكون تزاحم ولا تدافع ، ولا يتقدم أحد على دوره ، ولو كان الوزير ، ولو كان أمامه الكناس،
وتلك عادتهم في كل مكان ، على مدخل الكنيسة ، وعلى باب السينما ، وأمام بائع الجر يدة ، وعند ركوب القطار ، أو صعود القطار .
قال : ونظرت فرأيت كلبا في فمه سلة ، وهو يمشي مع الناس ، كلما خطوا خطوة ، خطا خطوة ، لا يحاول أن يتعدى دوره ،أو يسبق من أمامه ، ولا يسعى من وراءه أن يسبقه، ولا يجد
غضاضة أن يمشي وراء كلب ، ما دام قد سبقه الكلب. فقلت ما هذا ؟ قالوا : كلب يرسله صاحبه بهذه السلة ، وفيها الثمكن والبطاقة فيأتيه بنصيبه من ( الاعاشة ).
لما سمعت هذه القصة خجلت من نفسي أن يكون الكلب قد دخل في النظام ، وتعلم آداب المجتمع ، ونحن لا نزال نبصر أناسا في أكمل هيئة ،وأفخم زي ، تراهم فتحسبهم من
الاكابر...يزاحمونك ليصعدوا القطار قبلك ، بعدما وضعت رجلك على درجته ، أو يمدون أيديهم من فوق رأسك الى شباك البريد وأنت جئت قبلهم ، وأنت صاحب الدور دونهم ، أو يقفزون
ليددخلوا قبلك على الطبيب وانت تنتظر متألمامن ساعتين وهم إنما وثبوا من الباب إلى المحراب !عجبت من رجال لم يتعلموا الانتظام ، الذي تعلمته الكلاب 0)
بعد عرضي لهذه القصة فأنا لي من ورائها مقاصد:
1-لماذا هؤلاء الغربيون علموا شعوبهم اسس النظام واستجابت لهم شعوبهم ،ونحن حياتنا اليومية كلها مملوءة بالنظام والاحترام وكلمة عيب ولا نراها خارج بيوتنا.
2- لم هؤلاء الغربيون علموا شعوبهم كيف يحترم الاخر الاخر ، وعندما يريدون دخول بلادنا يعيثون الفوضى والخراب والاقتتال.،ونحن معجبون ببلدانهم0
3-لم هؤلاء الغربيون يصدرون لنا ديمقراطيات غير ديمقراطياتهم،ونحن يوم فتحنا تلك البلدان لم نصدر لهم غير ما امرنا به الله ورسوله.
4-دائما نقول بلاد الغرب غير ، فأتساءل ماهو الغير الذي فيهم،أليست اجسادهم كأجسادنا ودماؤهم نفس فصيلة دمائنا ولهم قلب وعقل ومشاعر وينامون ويأكلون ويموتون ويولدون مثلنا
فما الجديد عندهم وغير موجود عندنا0
5-هل نسيتم أن الاسلام انتشر في أندونيسيا عن طريق التجار وليس بالفتوحات، لانهم كانوا ملتزمين بلسانهم مع التجار ومعاملاتهم الحسنة والاخلاقية
اذا فنحن أمة لا ينقصنا شيء عنهم ولا يزيدون عنا بشيء سوى انهم نفضوا عنهم التخلف والتحجر الفكري ونحن عدنا ولبسناه مع سقوط الدولة العربية والاسلامية ودخول العثماني
علينا ، وما زلنا نجد آثاره السلبية فينا حتى اليوم، فلا أطلنا ارضا ولا سماء0
6-وكل من يغترب يبقى متمسكا بوطنه في قلبه ولكنه ان زار بلاده يوما تجده يتحدث باسهاب عن تلك البلاد معجبا مغرما ، بينما هو لانجده يتحدث عن بلده باسهاب في المغترب.
7-لم نسمح للاخرين ان يتكلموا عنا ويتخذوا القرار بدلا منا ، من هم هؤلاء وما الذي يربطنا بهم ، ولمن ولحساب من 0
8-لم نسمح للاخر ان ينظر الينا نظرة دونية، ولم نكم افواهنا عنهم ،لقد حان الوقت لنشر الغسيل0
-9-قال الله عز وجل :(ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )ومتى اقتنعنا بمبدأ الايثار وان الله يرزق من يشاء بغير حساب عندئذ سنكون افضل الامم0
وقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ):الا ان في الجسد مضغة إن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)0
فالعقل السليم في القلب السليم0
10-يقال إن شهد عدوك لك او عليك فاعلم انه عرفك اكثر مما تعرف نفسك وأنا لا أحب ان استشهد بقول الاسرائيلي ولكن اضطر لانه وضع يده على مواطن الضعف فينا فعرفنا فاستحكم بنا
تقول كولدمائير:(متى عرف العرب أن يقفوا في الطابور بنظام عندها سأخاف منهم )(ومتى استطاعوا ان يصلوا الفجر جماعة كما يصلونها يوم الجمعة عندها سنحسب لهم حسابا)
( وعندما اقتحمنا الاقصى واقمنا المجازر نمنا ونحن خائفون من ردة فعلهم ووضعنا الخطط للمواجهة ولكن عندما استيقظنا في اليوم الثاني ولم نر احد عرفنا انهم ما زالوا
نائمين )
11- هنا وفي الكويت وفرة العيش والحياة اليسيرة السهلة فهم لا يعانون من طابور ولا من دور ولا ينتظرون ، ومع ذلك تجدهم يداحمون بعضهم بعضا عند المحاسب في الجمعية التعاونية
يريد ان يسيطر على دور غيره ، والمزاحمة في الشوراع اثناء قيادة السيارات، فهل الفقر والغنى هما السبب بالتأكيد لا بل العقل، وكيف يفكر ،والشعور بالغروروالغطرسة والتميز الفارغ ،
وقس على ذلك في كل الاماكن هو من يدفعالانسان في بلادنا لمثل هذه التصرفات0
فنحن لسنا بحاجة لقصور فارهة وسيارات ففي بلاد الغرب لازال هناك من يركب الباصات الداخلية ،نحن بحاجة لان نشعر بمسؤولياتنا من خلال عقلنا0
ولا أملك في النهاية الا ان استشهد بقول للشاعر العراقي الزهاوي:
هبوا واستفيقوا ايها العرب فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب
فيم التعلل بالآمال تخدعكم وأنتم بين راحات القنا سلب

وتبقى هذه الاسئلة وغيرها برسم كل من يقرأ هذه المقالة اما مضيفا أو منتقدا لنحصد الفائدة سويا


بقلم فريسة محمد الاسود



ن



0

شكرا للسيدة فريسة على الموضوع المهم فالتساؤل في محله
صحيح " أن اجسادهم كأجسادنا ودماؤهم نفس فصيلة دمائنا ولهم قلب وعقل ومشاعر وينامون ويأكلون ويموتون ويولدون مثلنا "
ولكن طريقة التفكير مختلفة ففي العالم الاسلامي لم تتغير منذ قرون طويلة بل تجتر نفسها لذلك النتيجة لم تتغير بينما في الغرب الصناعي تجاوزوا هذه المرحلة بداية" من خلال وضع حد لسطوة الكنيسة ورجال الدين الذين يكانوا يبيعون صكوك الغفران للناس ليغفر الله ذنوبهم وخطاياهم ليتلوها نهضة علمية بدأت خلال القرن الثامن عشر لتشمل مختلف فروع العلم
ولتؤدي إلى اختراعات واكتشافات مهمة كانت السبب المباشر في قيام الثورة الصناعية
خلال القرن التاسع عشر فظهر عشرات العلماء والمخترعين والفلاسفة مما كان له الأثر البالغ على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في أوروبا وانعكس ايجابا" على المستوى المعيشي والأخلاقي.
اذا" المعادلة هي تطور علمي يوازيه رفاه اقتصادي وارتفاع أخلاقي والعكس صحيح فالاتجاه للعلم والارتقاء بالمستوى التعليمي والمناهج الدراسية و احداث مدارس وجامعات نموذجية و نقل
تجارب متطورة لدول أخرى سبقتنا هو خطوة أولى لاحداث تغيير ايجابي في المجتمع أما اذا كان هناك من يظن أن خطب عصماء أو محاضرات طويلة عن الأخلاق ستؤدي بمفردها لتحسين أخلاق المجتمع فلينتظر عدة قرون أخرى

لقد بدأ التخلف عندنا منذ عهد الخلافة العثمانية وإنّ العقول العربية كلها هاجرت إلى الغرب, فالغرب استغل هذه الفرصة وبدأ باستثمار هذه العقول, وحاولوا قدر استطاعتهم عدم تطور العلم والنظام في العالم العربي لأن الغرب فكره استعماري .
وكما قال أخي فراس :
"ولكن طريقة التفكير مختلفة ففي العالم الاسلامي لم تتغير منذ قرون طويلة بل تجتر نفسها لذلك النتيجة لم تتغير بينما في الغرب الصناعي تجاوزوا هذه المرحلة بداية" من خلال وضع حد لسطوة الكنيسة ورجال الدين الذين يكانوا يبيعون صكوك الغفران للناس ليغفر الله ذنوبهم وخطاياهم ليتلوها نهضة علمية بدأت خلال القرن الثامن عشر لتشمل مختلف فروع العلم"
ونحن على أمل أن نطور أنفسنا لكي نرتقي إلى مستوىً نتفوق به على الغرب.

اشكرك اخي الكريم ابو عمار على ملاحظاتك بالنسبة للموضوعات التي طرحتها عبر منتدى الفوعة ، انها ملاحظات قيمة وسأضعها في الاعتبار ان شاء الله في مقالات
قادمة لي ان شاء الله ، وتحياتي لك ولفكرك النير واتمنى ان اقرأ لك على صفحات هذا المنتدى ما يعبر عن ارائك ضمن كتابات لك، فأنا اشعر بأن المنتدى أصبح رةتينيا وعلينا بث روح الحياة فيه من جديد
وان نتشارك في النتقاش والاراء بكل صدر رحب، تحياتي لك وشكرا لاهتمامك.