بسم الله كلمة المعتصمين و مقالة المحترزين و احمده فوق حمد الحامدين و اعوذ بحصنه الحصين من شر الشيطان اللعين الرجيم و بعد الصلاة على خير الانام و سيد المرسلين محمد و آله الطيبين الطاهرين وصحبه الاخيار المنتجبين ...
السلام عليكم و رحمة الله،
كثر الحديث عن سماحة المرجع السيد فضل الله دام ظله، و العجيب ان العديد من من يهاجمون السيد يتأدبون جدا مع مقام المراجع و العلماء و يضفون عليهم عبارات التمجيد و التوقير، و هذا امر في غاية الادب حيث يتفق مع ما ورد عن الامام اميرالمؤمنين عليه السلام في ان من وقر عالم فقد وقر ربه ...
و لا شك ان هذا هو المنطق السليم في كون ان الجاهل المتعلم مدين الى العالم في علمه و معرفته و عليه ان يحترم هذا الامر ...
الا انه يبدوا المسألة تختلف عند هؤلاء حين يأتي الامر الى مقام مولانا سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله دام ظله الشريف ... حيث يتنافس كل من قرأ رواية هنا او هناك في الطعن و التشنيع و التهريج على سماحته ...
و انا هنا لست في مقام الدفاع عن سماحته فان الله هو من تكفل في الدفاع عنه و عن الذين آمنوا و كفى به نصيرا ... و لكنني اقف موقف المتشرف في خدمة الحقيقة و التي فيها بيان الظلم الواقع على سماحة السيد دام ظله الشريف ...
فالله ربي عليه توكلت و انا له من المسلمين ...
انتشر عند العوام ان السيد ضل عن الصراط المستقيم من خلال فساد عقائده و هو بذلك يضل كل من اتبعه ... ضال مضل ...
و الضلال هو الخروج عن الهدى ... فهو اما خروج عن التوحيد او العدل او الايمان بالرسالة او بالمعاد و الحشر ... فنوع هذا الضلال هو الكفر و الشرك و لالحاد ... و اما الخروج عن الولاية و الامامة ... فنوع هذا الضلال هو عدم صحة الاسلام مع عدم الخروج عنه في الاطار العام ...
و المشكلون على سماحة السيد يتهمونه بالخروج عن الولاية و الامامة و كذلك التشكيك بالعصمة للانبياء و الائمة ... فهو اتهام بالضلال من النوع الثاني ...
و يضيفون في هذا المجال اتهام السيد بانكار وقوع الظلم على مولاتنا الزهراء سلام الله عليها ... و اتهموه بانكار كسر الضلع و انكار العصمة و ما الى ذلك ...
و هناك اشكالات على اجتهاد سماحة السيد المرجع دام ظله ...
و لنأتي نفصل الامر قليلا و نستدل استدلالا دقيقا موضوعيا على عقائد السيد ... و قد وفر علينا سماحة السيد الوقت و الجهد في هذا ... وذلك من خلال جمع المسائل العقائدية المختلفة والمسائل المثارة في كتابيه "مسائل عقائدية" و"الزهراء قدوة" ..
وقد طالعنا في كتابه "مسائل عقائدية" مختلف المباحث العقدية وتفصيلا مناسبا لها بما يتوافق مع مذهب الامامية انار الله برهانهم،
ففي التوحيد:
-قسم: معرفة الله:
يقول السيد (مسائل عقائدية ص25):
اقتباس إن الله ليس جسداً وليس مادةً حتى يحويه المكان، فهو الذي خلق الزمان والمكان ولا يحويه مكان ولا زمان، وإذا كنّا لا نتصوّر ذلك، فلأننا لا نملك السبيل إلى معرفة ما هو خارج الزمان والمكان، لأننا مشدودون لهما. إنه هو المطلق الذي لا يحدّه زمان ولا مكان، ونحن لا نملك أية وسيلة لنتصور ذلك تصوّراً مباشراً. يقول الإمام علي(ع) في نهج البلاغة: "ومن أشار إليه فقد حدّه، ومن حدّه فقد عدّه، ومن قال فيم فقد ضمّنه، ومن قال علامَ فقد أخلى منه. كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شيء لا بمقارنة، وغير كل شيء لا بمزايلة" [نهج البلاغة: الإمام علي(ع): خطبة1].
-قسم: صقات الله:
يقول السيد(مسائل عقائدية ص34 و 35):
اقتباس ليس هناك اثنينية بين الله تبارك وتعالى وبين صفاته، لأن الله ليس مركّباً بل ذاته بسيطة، فليس هناك صفات خارجة، وإنما صفاته عين ذاته، فهي بالشكل الذي ربما لا نستطيع أن نشير إليه بشكل مادي في هذا المجال، إنه هو عين العلم وعين القدرة وعين كل صفة من صفاته، لأن الفرق أنه بالنسبة إلى المخلوق هناك ذات، وهناك علم وشجاعة وما إلى ذلك من صفات، وأما بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى، فليس هناك اثنينية بين الذات والصفات.. والصفات في المخلوق لم تكن فكانت، وفي الله هي عين ذاته، أما كيف ذلك فالله أعلم.
-قسم العدل الإلهي:
يقول السيد (مسائل عقائدية ص41 و 42):
اقتباس الآفات الطبيعية ليست كما يتصور البعض من الناس عقاباً دائماً، وإلا إذا أخذنا بهذه النظرة، فإن الموت مأساة أيضاً، في حين أن الله سبحانه وتعالى خلق الكون على أساس سنن وقوانين مودعة في كل الظواهر الكونية الثابتة والمتحركة. ولما كان عالمنا عالم المحدود ضمن القانون الطبيعي، فلا بد أن تُنتج هذه الظواهر بعض السلبيات، وليس من الضروري أن تكون هذه السلبيات مطلقة. ففي الفياضانات سلبيات، لكنها تغمر الأراضي التي لا يصلها الماء بالمياه، والزلازل لها فوائد، والبراكين لها فوائد، وما من ظاهرة تنتج أية سلبية إلا وهناك إيجابيات في مقابلها. والله تعالى أجرى أمور الكون بحكمة، وغاية ما هناك أننا لا نستطيع أن نفهم حكمة الله في ما يمكننا أن نكتشفه منها إلا بدارسة الأمور من جميع الجهات، لا من جهة السلب فقط. ثم إن الله سبحانه وتعالى يقول لك إذا صبرت على البلاء فالدنيا ليست نهاية المطاف، فهناك الدار الآخرة وفيها {يُوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر:10] {وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة:155-157].
و في الرسالة:
قسم النبوة:
يجيب السيد عن سؤال احدهم (مسائل عقائدية ص 65 و66):
اقتباس لماذا لم تستمر النبوة كما استمرت من آدم إلىنبينا(ص)، فهل ثمة ضرورة لأن تنقطع النبوة وتبدأ الإمامة؟ ولماذا استمرت الإمامة بشكلٍ وراثي، فالابن يرث فيها الأب بعكس النبوّة؟
لنتساءل أولاً: لماذا لم تستمر النبوة؟ لأنه لم يعد هناك من حاجة لاستمرارها، باعتبار أنّ الإسلام ارتكز على العقل كرسول من داخل (أي رسول باطني)، وهذا ما أجاب به الإمام الهادي(ع) عن سؤال بعض الناس حول الموضع نفسه: "ما الحجة على الخلق اليوم؟ قال: العقل الذي يعرف الصادق عن الله فيصدقه، والكاذب على الله فيكذبه". فالرسالة التي تطرح العقل كعنصر من العناصر التي تحتوي حركية الإنسان الفكرية والثقافية لا تحتاج إلى رسالة تأتي بعدها، وذلك أن الإسلام رسم القوانين العامة التي تصلح لحياة الإنسان كلها، أي أن كلماته ثابتة ومعناها متحرك. وأما دور الأئمة(ع) فهو أن يحرسوا عملية التطبيق وعملية الاستقامة على درب الرسالة. وأما مسألة الوراثة، فلم تكن الأساس الوحيد في جعل الخلافة بعد النبي(ص) فيهم {ذرية بعضها من بعض} [آل عمران:34]. بل إن الله تعالى اطّلع على هؤلاء فرأى أنهم يملكون العناصر التي تؤهلهم لذلك، و{الله أعلم حيث يجعل رسالته} [الأنعام:124]. فالانتماء رسالي قبل أن يكون نسبياً {قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين}[البقرة:124].
و في الولاية:
يجيب السيد (مسائل عقائدية ص77):
اقتباس س ـ هل إن تعيين الإمام علي(ع) للخلافة من قبل النبي في (غدير خم) كان أمراً متغيراً أو ثابتاً، اي هل إن تعيين الإمام قام على أمر ثابت، أم كان يمكن أن تكون الخلافة لأي شخص آخر كأمر متغير؟
ج ـ عندما يثبت لدينا أن علياً(ع) نصبه النبي(ص) بأمر من الله في قوله: {يا أيها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربك} [المائدة:67]وهو أمر ثابت، فليس هناك أي متغير، لأن القضية ليست قضية اختيار النبي(ص)، بل هي بحسب ما عندنا من أدلة اختيار الله له.
وليس ذلك إلا من جهة أن الله قد رأى فيه الكفاءة لذلك، وأراد للنبي(ص) أن يؤكد ذلك، فالمسألة هي من المسائل الثابتة بحسب طبيعتها وفي الدليل عليها، لكن المسلمين عندما اختلفوا في ذلك أصبحت المسألة مثار جدل، ولكنها عندنا ثابتة بثبات الحق .
و يجيب مرة أخرى قائلا (مسائل عقائدية ص 70):
اقتباس س: هل تعتقدون بأن ولاية أهل البيت(ع) من ضرورات المذهب الشيعي؟
ج: إن ولاية أهل البيت(ع) بمعنى الإمامة والخلافة عن النبي(ص)، وبمعنى العصمة لهم، ثابتة لدينا ثبوتاً قطعياً، ولم ينادَ بشيء كما نودي بالولاية، كما ورد في الحديث عنهم(ع)، وهي من ضرورات المذهب القطعية.
-------------------------------------------------------------------
هذا البحث مقتبس وهو عبارة عن عدة مقاطع وانشاء الله سأكمله في القريب العاجل.
"قل يا ايها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها وما انا عليكم بوكيل"
هدانا الله و اياكم لسواء السبيل و الحمدلله رب العالمين.