تتعدّد العوامل والدّوافع التي تقف وراء قرار المرأة بالعمل خارج المنزل، إلا أن العامل الأبرز خلف هذا القرار، هو العامل الاقتصادي، فالوضع المادي الخانق الذي نعيشه اليوم، دفع كثيراً من النساء المتزوّجات إلى العمل بغية مساعدة أزواجهن في تحمل أعباء الحياة الأسرية وتكاليفها المتزايدة يوماً بعد يوم.
* الزوجة بين مسؤوليتين وسواء كان الدافع نحو العمل دافعاً نفسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً، إلا أن هذا الخيار جعل المرأة المتزوجة أمام مسؤولية جديدة تضاف إلى مسؤوليتها كزوجة وأم، فالعمل ـ مهما كانت طبيعته ـ له التزامات وواجبات تُفرض على من يتولاه.
وبناء عليه، فإن المرأة العاملة خارج اطار الحياة الزوجية بين مسؤوليتين: مسؤوليتها تجاه عملها ودورها الأسري كركن أساسي في الأسرة، ومسؤوليتها تجاه عملها الخارجي، مما يجعلها عرضة لمزيد من الضغط والتعب والارهاق على المستوى النفسي والجسدي، الذي قد يؤثر على أدائها ودورها الزوجي والأسري، فتغدو في قفص الاتهام بتهمة الإهمال واللامبالاة، وتبدأ عندها سلسلة المشاكل الزوجية.
وحتى لا تؤول الأمور إلى هذه النتيجة، لا بد للمرأة من اعتماد آلية عملية للتوفيق بين كلا المسؤوليتين، ولمنع التضارب بين دورها في منزلها وعملها خارجه.
* دور الزوج وقبل الإشارة إلى برنامج وخطوات هذه الآلية، لا بد من التأكيد على الدور المهم والفعال الذي يمكن أن يؤديه الزوج حال تفهمه وتقديره لعمل المرأة داخل الأسرة وخارجها. فكلمة شكر أو موقف تقدير يصدر عن الرجل تجاه زوجته كفيلٌ بإزالة التعب والمشقة الجسدية والنفسية عنها، ويعطيها دفعة جديدة من الحيوية والنشاط، ومساهمة بسيطة من قبله في مساعدة زوجته في العمل المنزلي، تعزز أواصر المحبة والرأفة والرحمة بينهما. ولو يعلم الرجال ما لهذه المساهمة من وقع كبير في قلب المرأة، لما غفلوا عنها أبداً.
* خطوات عملية وإليك سيدتي بعض النصائح والخطوات العملية التي تساعدك على التوفيق بين عملك داخل الأسرة وعملك خارجها:
أولاً: اختاري العمل المتلائم مع قدرتك الجسدية والنفسية، فمن الخطأ أن تلزمي نفسك بعمل يستنفد كل طاقتك وقدراتك، ويتطلب منك مجهوداً إضافياً يفوت ما لديك من طاقات واستعدادات.
وحتى يكون اختيارك لطبيعة ونوعية العمل صائباً، ينبغي عدم التسرّع في اختيار العمل، بل التفكير بروية مع مراعاة ظروف الأسرة. ومن الجيد استشارة الزوج، كونه أقرب المقربين منك وشريكك في القرار، وهو أكثر من يدرك حجم قدراتك وطبيعة ظروف عائلتك.
ثانياً: اختاري العمل الذي لا يتطلب دواماً طويلاً، مما يستلزم وجود فراغ لدى أسرتك وربما فوضى أثناء غيابك عن المنزل، وهنا لا بد من التنسيق مع الزوج بالنسبة لوقت العودة إلى المنزل.
ثالثاً: لا تنشغلي داخل البيت بأمور تخصُّ العمل، ولا سيما حال وجود الزوج في المنزل وانزعاجه من ذلك، فتكرار هذا الأمر سيجعله يشعر بنوع من اللامبالاة من قبلك، وقد يتصوّر أنك تعطين الأولوية للعمل على حساب الأسرة.
رابعاً: لا تنسي أن تخصِّصي وقتاً للراحة من عناء العمل، فعشر دقائق من النوم نهاراً تعيد لك نشاطك طوال اليوم.
وإياك أن تقنعي نفسك بأنه لا وقت ولا مجال لديك للراحة.
خامساً: لا تهدري وقتك بأمور يمكن الاستغناء عنها أو التقليل منها، كمشاهدة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية التي لا فائدة منها، أو كالاستغراق في النزهات والسفرات ومشاريع التسوق، ولتقتصري في هذه الأمور على الضرورة.
سادساً: احرصي على الاعتدال في واجباتك الاجتماعية من زيارة الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء، واحذري من الوقوع في الإفراط فيها بحيث تغدو عادة شبه يومية، والأفضل أن تخصصي يوماً للقيام بأمثال هذه الزيارات، كأن يكون ذلك في يوم العطلة وبمشاركة الزوج والأولاد بحال كانت الزيارة عائلية.
سابعاً: ركزي على التواصل والتحاور مع الزوج والأولاد يومياً وبشكل هادىء وودِّي، يشعر معه الآخرون باهتمامك وعطفك وحنانك، ولا تنسي أنك صاحبة القلب الكبير والصدر الواسع الرحب الذي يتسع لكل هموم الأسرة، فلا تتخلي عن هذه النعمة الإلهية.
ثامناً: حاولي تعويد أولادك على مشاركتك في بعض الأعمال المنزلية بما يتلاءم مع أعمارهم وأوضاعهم الدراسية، كي لا تبقى كل الأعباء والأدوار المنزلية حملاً ثقيلاً على كاهلك من جهة، وحتى لا يتعوّد أولادك على الاتكالية والهروب من المسؤولية الأسرية من جهة أخرى.
تاسعاً: اعملي دائماً على قاعدة "تنظيم الوقت توسيعه".
عاشراً وأخيراً: إن أجمل ما في الحياة الزوجية عطاءاتها وتضحياتها، وأجمل ما في هذه العطاءات أن ترافقها بسمة حب ولمسة حنان، وكلمة طيبة تزرع ورود المودة والسكينة في أرجاء المنزل رغم تعقيدات الحياة وصعوباتها، فلتكوني أنتِ السباقة دوماً إلى غرس بذور هذه الورود.