إن مجال النشاطات الاجتماعية التي تشمل النشاطات الاقتصادية والسياسية والنشاطات الاجتماعية بالمعنى الأخص وأيضاً تشمل النشاطات العلمية وطلب العلم والتدريس والسعي في سبيل الله والجهاد وكل ميادين العمل في المجتمع. وفي هذا المجال أيضاً الإسلام لا يجد فرقاً بين الرجل والمرأة في ممارسة هذه النشاطات. وإذا كان هناك ادّعاء بأن الرجل يستطيع أن يدرس والمرأة لا تستطيع أو الرجل يستطيع أن يُدرّس والمرأة لا تستطيع والرجل يستطيع أن تكون له نشاطات اقتصادية والمرأة لا تستطيع فهذا ادعاء يخالف الدين الإسلامي.
الإسلام يرى بأن النشاطات المتعلقة بالمجتمع البشري الرجال والنساء متساويات في ممارستهما، وطبعاً توجد بعض الأعمال لا تلائم طبيعة جسم المرأة، وهناك أيضاً بعض الأعمال لا تلائم مع طبيعة الرجل، وهذا لا يعني بإمكان أو عدم إمكان مشاركة المرأة في النشاطات الاجتماعية، بل تقسيم العمل يكون حسب القدرة والرغبة ووجدوا مجالات تقتضي العمل فيها.
فالمرأة إذا أرادت وكان لها رغبة تستطيع أن يكون لها نشاطات مختلفة وتستطيع أن تؤدي أي عمل يتعلق بالمجتمع
لقد عيّن الإسلام حدوداً في ممارسة المرأة لنشاطها، وهذه الحدود لا تتعلق بجواز مشاركة المرأة في النشاطات الاجتماعية، لكن هذه الحدود تتعلق بمسائل أخرى مثل الاختلاط بين الرجل والمرأة، فالإسلام يؤكد بأنه يجب أن تكون حدود هناك حدود للاختلاط بين الرجل والمرأة سواء كان في الشارع أو الدائرة أو المتجر وغيره من الأماكن الأخرى.
إن النساء يستطعن أن يتابعن مسألة طلب العلم وأن يصلن إلى درجات عالية ومرموقة منه، والبعض يعتقد بأنه لا يمكن للفتيات طلب العلم وذلك في الفرع التي يرغبن فيها لأن المجتمع بحاجة إلى الاختصاصات العلمية للفتيات والنساء كما هو بحاجة إلى اختصاصات الذكور.
وطبعاً إن الجو الدراسي ولكل من الذكر والأنثى يجب أن يكون طاهراً ونقياً، ويجب أن تكون الجامعات مكاناً آمناً لأولاد الناس إناثاً وذكوراً، والمحيط الخارجي يجب أن يكون محيطاً مناسباً من الناحية الأخلاقية ومؤهلاً للمحافظة على عفة كل من الإناث والذكور، وفي حالة المحيط الخارجي كالشارع والسوق والدراسة وغيرها محيطاً آمناً نقياً من الناحية الأخلاقية والفكرية تستطيع كل من المرأة والفتاة المسلمة والرجل والصبي المسلم أن يمارس نشاطه في المجتمع.
إن مجتمعنا اليوم وبحمد الله خاض شوطاً واسعاً في مجال مسألة التربية والتعليم، فنجد المرأة حققت إنجازات قيمة في هذا المجال. ومع هذا توجد بعض العوائل تمنع بناتها من التعلّم وطلب المعرفة. فيجب على مثل هذه العوائل فسح المجال أمام أولادها وبناتها لينتهلوا من المعارف والعلوم الدينية والإنسانية، لأن الجو الدراسي اليوم جو مناسب وخال من جميع أنواع المفاسد التي يمكن أن تتعرض لها المرأة خلال مسيرها العلمي.
إن الآباء والأمهات والمسؤولين يقع عليهم عاتق إيجاد مثل هذا المحيط السالم أخلاقياً، ولأجل الابتعاد عن مسألة الاختلاط فرض الله تعالى مسألة الحجاب. الحجاب هو وسيلة من وسيلة من وسائل إيجاد الأمن الأخلاقي. وبالحجاب يستطيع كل من الرجل والمرأة أن يحافظ على نفسه، وفي حالة ابتعاد المرأة عن مسألة الحجاب وسلوكها طريق الخلاعة والتعري تضر نفسها وتسلبها أيضاً حالة الأمان أولاً وتضر الرجل ثانياً، لأنه كلما كان المجتمع والمحيط خالي من المفاسد الاجتماعية يستطيع كل من الرجل والمرأة أن يؤديا مسؤولياتهما الاجتماعية.
إن الإسلام هو الذي فرض الحجاب باعتبار واحد من الأحكام المهمة في الإسلام. لقد ذكرنا واحدة من فوائده، وللحجاب وفوائد أخرى نشير إليها في بحث آخر.
ففي مسألة انتخاب الزوج تملك الحرية المطلقة في انتخاب شريك حياتها، ولا يستطيع أحد أن يجبرها حتى أخيها أو أبيها فكيف بأقاربها؟.
يعني لا يستطيع أحد أن يجبرها بأن تتزوج بشخص معين. هذه هي نظرية الإسلام، ورأيه في مسألة الزواج. وتوجد في المجتمع الإسلامي بعض العادات والتقاليد الجاهلية ولا زالت موجودة في بعض الدول الإسلامية وحتى في بعض مناطق إيران مثلاً في المحافظات المركزية مثل خوزستان ومناطق أخرى، فمثلاً في بعض العشائر يستطيع ابن العم أن يتدخل في زواج ابنة عمه، وهذه عين الخطأ لأن الإسلام لم يعط لأحد حق التدخل في هذه المسائل، وهذه عادات جاهلية لا يمكن أن نتهم الإسلام بها بمجرد ما صدرت عن بعض جهلاء المسلمين وهؤلاء يتصرفون حسب عادات وتقاليد جاهلية لا تم للإسلام وأحكامه الجلية بأي صلة.
الذي يجبر فتاة على الزواج من ابن عمها يكون عمله هذا خلاف الشرع الإسلامي، وكذلك لم من يحرم ابنة عمه من الزواج أو لا يوافق على زواجها لأنها لم تتزوج منه. فقد خالف الشرع الإسلامي الحنيف.
إذا حدث نزاع وسفك دماء بين قبيلتين من القبائل وأراد أحد أن يحل هذا النزاع بزواج ابنة أحد القبيلتين بشاب القبيلة الأخرى وذلك دون استشارتها يعتبر هذا الزواج زواج خلاف الشرع الإسلامي الحنيف. أما إذا استشيرت البنت ووافقت على هذا الزواج وكان الزواج حلاً لهذا الخلاف الدائرة فهذا زواج جائز ومبارك أيضاً، والإجبار وإلاكراه في هذه المسألة خلاف الشرع الإسلامي.
وعلى ذلك الأساس، في النظرة الثانية الذي ذكرناه بشكل مختصر، نظرة الإسلام، وهي أن المرأة يجب لا تُجبر ولا تُفرض عليها النشاطات العلمية والاقتصادية والاجتماعية السياسية وأمثالها، وفي نفس الوقت يجب أن لا يُسد الطريق أمام المرأة، ولو أرادت النساء أن تشاركن في النشاطات الاجتماعية والسياسية، لا يمنعهن من ذلك شيء. طبعاً النشاطات العلمية جيدة جداً، وترجح على غيرها.
فأنا أوصي بأن تسمح العوائل بذلك لتدرس بناتهن. لا يتصور الوالد أو الوالدة، ومن ناحية التعصب الديني بأنه يجب أن تُمنع بناتهن من الدراسات العليا. لا، لم يقبل الدين بذلك، الدين من الناحية الدراسية، لا فرق بين البنت والولد، إن كان ابنكم يدرس دراسات عليا، لتكن ابنتكم مثله أيضاً، واسمحوا لبناتكم الشابات أن يدرسن، ليتعلمن العلم، وليكتسبن المعلومات، ليعرفن الشؤون التي تخصهن، وليعرفن قدرة أنفسهن، ليفهمن إن إعلام الاستكبار العالمي ـ فيما يخص المرأة ـ كم هو سطحي وفاقد للأسس وأجوف، ويمكن فهم كل ذلك في ظل التعليم.
إن بناتنا ونساؤنا الشابات، اليوم، الأكثر تدينا، ثورية، طهراً، إيماناً، هن من الطبقات المتعلمة.
الأشخاص الذين هم أهل التجمل والتعلق بالذهب والزينة، إنهم يريدون بذلك تقليد الغرب في ملبسهم وشكل معيشتهم، هؤلاء غالباً بل يكونون ضئيلي المعلومات والمعارف، فالشخص الحاصل على معلومات كافية يمكنه السيطرة على تصرفاته وسلوكه، وأن يطابقها ويوافقها مع الحق والحقيقة ومع ما هو حسن.
أما في مجال الشعارات والعناوين المطروحة، نقول إن الإسلام يفسر بعض الأمور المتعلقة بالمرأة وحقوقها تفسيراً يختلف جذرياً عن النظرة الغربية لتلك الأمور، فأول شعار يطرحه الغرب هو الحرية. وللحرية معاني متعددة، فإما أن تعني التحرر من الأسر والقيود، وإما أن تعني التحرر من سيطرة وظلم ربّ العمل الذي يجّر بالمرأة ويسوقها إلى العمل مقابل أجور ضئيلة تتقاضاها، والحرية تعني أيضاً تحرر المرأة من القوانين التي تجعلها تلتزم مقابل زوجها وشريك حياتها.
فكلّ معنى من هذه المعاني له مفهوم ومصداقه الخاص به وربما يتناقض مع المعنى الآخر، ولذا نسأل ونقول أي منها هو المراد من هذه المساعي والخطوات المبذولة لإعطاء المرأة حريتها وحقوقها؟
ومن المسائل المهمة التي نحاول ذكرها مسألة التعالي والرقي المعنوي الذي يجب أن تتحلى به المرأة، فعلى المرأة أن تسعى لكسب المعنويات التي طالما كانت بعيدة عنها خلال العصر المنصرم وذلك لتأثرها بالثقافة الغربية الخاطئة
إن إقبال المرأة على التبرج واستعمال وسائل الزينة خارج البيت هو مظهر من مظاهر عبوديتها للرجل وفرض سلطته وتحقيقاً لحريته على حساب حريتها، لأن الرجل في هذه الحالة يريد أن يستمتع بمظهر المرأة المتبرج كما يستمتع بالأشياء الأخرى التي توفر له الحرية والجو المناسب لممارسة شهواته. فهذه كانت ولا زالت موجودة في المجتمعات الغربية وخاصة المجتمعات البعيدة عن الاعتقادات الدينية. فعلى المرأة أن تخلص نفسها من هذه العبودية وذلك بالرقي المعنوي وكسب العلم والمعرفة.
يعتبر عفاف المرأة من الأركان الأساسية لحركة الدفاع عن حقوق المرأة وحريتها. إن إهمال هذا الركن الأساسي يسوق هذه الحركات إلى هاوية الابتذال وهتك القيم الأخلاقية.
فالعفاف يعطي للمرأة شخصية متوازنة ويرفع منزلتها حتى في أعين الاستغلاليين الذين يتبعون شهواتهم الحيوانية، فمسألة الحجاب والمحارم وجواز النظر إليهم وعدم النظر لغيرهم كلها من أجل الحفاظ على هذا العفاف.
إن العفاف لا يخص المرأة، بل الرجل أيضاً يجب أن يتصف بهذا العفاف أيضاً. أما السبب الذي يدفع إلى التأكيد والإصرار على عفاف المرأة هو قدرة الرجل الجسمانية التي تساعده على ممارسة الظلم بحق المرأة رغم إرادتها
أرجو من الله تعالى أن يشمل جميع المؤمنات بلطفه وفضله وأقدم شكري وإعجابي لكل الأخوات المؤمنات على ما أظهرن بأن المرأة المؤمنة ومصممة وفعّالة وكثيرة الجهود ولها همة عالية ومعلومات كافية...
وأسأل الله تعالى أن يمنّ على المؤمنات بلطفه وفضله الوفير.
والحمد لله رب العالمين