ali al fouay
الجنس : العمر : 37 تاريخ الميلاد : 06/09/1987 البرج : العمل/الترفيه : طالب جامعي تاريخ التسجيل : 05/01/2009 عدد المساهمات : 157
| موضوع: مفهوم اللعن في القرآن الكريم(4) الإثنين فبراير 02, 2009 5:50 pm | |
|
موقف الإمام علي عليه السلام من السب واللعن :
إن من أهم الأسباب للفتن المذهبية والطائفية استعمال السب والشتم واللعن للطرف الآخر الذي تختلف معه عقائديا أو مذهبياً أو سياسياً كوسيلة من الوسائل تريد أن تحقق أهدافك منه .
حاول البعض أن يشرعن السب والشتم واللعن الذي هو أحد مصاديق السب في الشريعة الإسلامية وأن يلصق ذلك بقادته الميامين عليهم السلام وأنهم استعملوه ضد من خالفهم وهذا ما لا يتناسب مع مقام بعض العلماء حتى يتناسب مع من مدحهم الله في الذكر الحكيم وقال في سيدهم {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (القلم:4) .
وقد تحدثت عن ذلك لأكثر من مرة وحاولت أن أعرض موقف أئمة أهل البيت عليهم السلام وسيرتهم في ذلك كي تنجلي بعض الغشاوات.
وهنا أعود مرة أخرى لأعرض موقف أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عليه السلام في بعض جوانبه وفي بعض كلامه دون جميعه .
حادثة وقعت في وقت الإعداد واستنهاض الناس للقتال في حرب صفين – كما يقول به البعض – وبعضٌ يقول أن هذه الحادثة وقعت أثناء الحرب والقتال وقد سمعها علي عليه السلام مباشرة ، الحادثة رويت بعدة روايات وحاصلها أن بعض أصحاب علي عليه السلام تعرض لمعاوية وأصحابه بالسب واللعن ولكن الإمام علي عليه السلام استنكر ذلك وقال أن هذا العمل غير ناجح ولم يكن أمراً صحيحاً بل النهج القويم أن تشرح أفعال مخالفيك ليتعرف الآخرون عليها مع الخلق الإسلامي .
حاولت أن أنقل هذه الحادثة برواياتها المتعددة لأهميتها ثم أعرض ما فهمه العلماء منها :
الرواية الأولى :
فقد رَوَى نَصْرٌ بن مزاحم : عن عمر بن سعد [ الأسدي ] ، عن عبد الرحمن ، عن الحارث بن حصيرة ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ :
خَرَجَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ يُظْهِرَانِ الْبَرَاءَةَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا عَلِيٌّ [ عليه السلام ] أَنْ كُفَّا عَمَّا يَبْلُغُنِي عَنْكُمَا
فَأَتَيَاهُ فَقَالَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَسْنَا مُحِقِّينَ ؟!
قَالَ : بَلَى .
[ قالا : أو ليسوا مبطلين ؟.
قال : بلى ]
قَالَا : فَلِمَ مَنَعْتَنَا مِنْ شَتْمِهِمْ ؟! .
قَالَ : كَرِهْتُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا : لَعَّانِينَ ، شَتَّامِينَ تَشْتِمُونَ ، وَتَتَبْرَءُونَ ، وَلَكِنْ لَوْ وَصَفْتُمْ مَسَاوِئَ أَعْمَالِهِمْ فَقُلْتُمْ مِنْ سِيرَتِهِمْ كَذَا وَكَذَا ، وَمِنْ أَعْمَالِهِمْ كَذَا وَكَذَا ، كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ وَأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ ، وَ [ لَوْ ] قُلْتُمْ مَكَانَ لَعْنِكُمْ إِيَّاهُمْ ، وَبَرَاءَتِكُمْ مِنْهُمْ : اللَّهُمَّ احْقُنْ دِمَاءَهُمْ ، وَدِمَاءَنَا ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَبَيْنِنَا ، وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مِنْهُمْ مَنْ جَهِلَهُ ، وَيَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ وَالْعُدْوَانِ مِنْهُمْ مَنْ لَجَّ بِهِ ، لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ ، وَخَيْراً لَكُمْ .
فَقَالَا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَقْبَلُ عِظَتَكَ وَنَتَأَدَّبُ بِأَدَبِك[6].
الرواية الثانية :
التي رواها ابن أعثم الكوفي في كتابه ( الفتوح ) بعد كلام طويل لأصحاب أمير المؤمنين عليه السلام :
قال : فعندها خرج حجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي ، فجعلا يظهران البراءة من أهل الشام واللعنة لهم ، فأرسل إليهما علي أن ( كفا عما يبلغني عنكما ) .
فأقبلا إلى علي وقالا : يا أمير المؤمنين ! ألسنا على الحق ؟ .
قال : بلى ! .
قالا : فَلِمَ تمنعنا عن شتمهم ولعنهم ؟ .
فقال : لأني أكره لكم أن تكونوا لعَّانين شتَّامين ، ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم كذا لكان ذلك أصوب في القول وأبلغ في الرأي ، ولو قلتم : اللهم ! احقن دماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، وأهدهم من ضلالتهم[7]، لكان ذلك أحب إليَّ[8] لكم .
فقالا : يا أمير المؤمنين ! فإننا نقبل عظتك ونتأدب بأدبك[9].
الرواية الثالثة :
التي رواها الدينوري في كتابه ( الأخبار الطوال ) فقال : قالوا : وبلغ عليا أن حجر بن عدي وعمرو بن الحمق يظهران شتم معاوية ، ولعن أهل الشام ، فأرسل إليهما أن كفا عما يبلغني عنكما .
فأتياه ، فقالا : ( يا أمير المؤمنين ، ألسنا على الحق ، وهم على الباطل ؟ ) .
قال : ( بلى ، ورب الكعبة المسدنة ) .
قالوا : ( فلم تمنعنا من شتمهم ولعنهم ؟ ) .
قال : ( كرهت لكم أن تكونوا شتَّامين لعَّانين ، ولكن قولوا : اللهم أحقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، وأهدهم من ضلالتهم ، حتى يعرف الحق من جهله ، ويرعوي عن الغي من لجج به )[10] .
نستخلص من هذه الروايات الثلاث :
1- اتفاق هذه الروايات على أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يكره لأصحابه أن يكونوا شتامين لعانين وهذه الكراهة بمعنى عدم الرضا والمنع من هذا الفعل فإذا صحت سنداً فإن مفادها حرمة السب واللعن كما فهمها بعض العلماء الذين سوف يأتي الحديث عنهم ، لا الكراهة التي هي أحد الأقسام الخمسة (الحرمة ، والوجوب ، والاستحباب والكراهة ، والجواز).
2- مفاد هذه الروايات مع روايات أخرى صحيحة السند وقوله تعالى {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ } (الأنعام: 108) وأن اللعن من سائر الناس أحد مصاديق السب؛ مفاد كل ذلك :
أن السب واللعن من الأمور المحرمة: وذلك أن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام منع أصحابه بشدة من الشتم واللعن كما جاء في الرواية الأولى والرابعة (قَالَا : فَلِمَ مَنَعْتَنَا مِنْ شَتْمِهِمْ ؟! ) وفي الثانية والثالثة ( قالا : فلم تمنعنا عن شتمهم ولعنهم ؟ ) ومنع الإمام المعصوم دال على الحرمة . فالسب واللعن لم يكونا من الأمور العبادية كما يصوره البعض بل من الأمور المبغوضة التي تجلب مختلف الفتن والمصائب .
3- أن حرمة السب واللعن لا تنزه الطرف الآخر ولاتبرؤه من كفره إن كان كافراً أو من فسقه إن كان فاسقاً أو من ضلاله إن كان ضالا ( وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مِنْهُمْ مَنْ جَهِلَهُ ) فقد يستحق الطرف الآخر اللعن والعذاب الأليم في واقع الأمر لأفعاله الشنيعة فهذا شيء ، وشتمه ولعنه شيء آخر .
4- أن الإمام عليه السلام عندما منع من الشتم واللعن واللذان هما من مساوئ الأخلاق طرح عملا آخر أكثر مفعولية منهما ألا وهو شرح أفعال الطرف الآخر لجماهير الأمة بعدلٍ وإنصاف دون الكذب والبهتان .
5- الدعاء للمخالف بالهداية عن الضلال (.... وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مِنْهُمْ مَنْ جَهِلَهُ ، وَيَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ وَالْعُدْوَانِ مِنْهُمْ مَنْ لَجَّ بِهِ ) إن صاحب القلب الكبير الرحيم حتى لأعدائه لم يقتصر على عدم سبهم والدعاء عليهم بالعذاب واللعن لهم – حتى وإن فسر بالدعاء على الغير - بل ثقف شيعته أن يدعوا لأعدائهم ومخالفيهم بالهداية ، فأين هذه الروحية والثقافة التي يريدها علي بن أبي طالب عليه السلام حتى لمن سل سيفه عليه يقاتله ، وبين ثقافة السب والشتم واللعن ؟؟؟ !!!
6- الدعاء لهم بحقن دمائهم (اللَّهُمَّ احْقُنْ دِمَاءَهُمْ ، وَدِمَاءَنَا ....) وفي الرواية الثانية (ولو قلتم : اللهم ! احقن دماءهم .... ) ولم يذكر (دماءنا) أي لم يذكر دمه ودم أصحابه بل كان نظره على حفظ دم عدوه ومن يقاتله .
إنني لا أفهم لغة السب والشتم واللعن في قاموس هذا الرجل الذي خلقه الله مع ابن عمه وأولاده الهداة رحمة وذخراً وشرفاً ليس للمسلمين فحسب بل للبشرية عامة .
إن المحافظة على حقن الدماء مهم إلى أبعد حد وبأي ثمن كان وبأي وسيلة ، والسب والشتم واللعن من أهم أسباب سفك الدماء في الأمة فيحرمان ولو بالعنوان الثانوي إذا لم يحرما بالعنوان الأولي.
7- النتيجة الحسنة : بالالتزام بعدم السب والشتم واللعن فهو الخير للأمة لمحافظتها على كرامتها بل ووحدتها وقد يحصل الوئام بين المتنازعين كما قال عليه السلام ( لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ ، وَخَيْراً لَكُمْ ) .
8- إن مفردات السب والشتم واللعن لم تكن ثقافة أمير المؤمنين عليه السلام ، بل ثقافة العاجز المهزوم الذي لم يكن لديه أي رصيد علمي أو عملي أو أخلاقي ، والإمام أمير المؤمنين عليه السلام بعيد عن هذا بعد ما بين السماء والأرض سواء كان في حال الحرب أو السلم ، وشيعته المخلصون على هداه سائرون، لهذا قال حجر وعمرو بن الحمق (يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَقْبَلُ عِظَتَكَ وَنَتَأَدَّبُ بِأَدَبِك ) فمن يستعمل السب والشتم واللعن - حتى لمن يستحق - لم يتأدب بأدب أمير المؤمنين عليه السلام وإنما تأدب بأدب أعدائه الذين اتخذوا السب واللعن ثقافة استمروا عليها لعشرات السنين . | |
|
جواد أمين عضو مساهم
الجنس : العمر : 44 تاريخ الميلاد : 31/07/1980 البرج : العمل/الترفيه : طالب علوم دينية المزاج : عال العال تاريخ التسجيل : 05/12/2008 عدد المساهمات : 420
| موضوع: رد: مفهوم اللعن في القرآن الكريم(4) الإثنين فبراير 02, 2009 8:50 pm | |
| مأجور موفق بعون الواحد الأحد. | |
|