شادي حلاق
لقد ابتعد الناس عن الحلم وابتعدوا عن الصفاء الداخلي والخارجي فأصبح عقلهم وقلبهم عكرا
فنحن لا نستطيع أن نغيّر أو نسيّر شيئا ما في الواقع عن طريق الفكْر لكننا نستطيع ذلك في الحلم والتخيّل
لأسباب التطور والحضارة و المتطلبات الكثيرة... التي تعكّر الصفاء الداخلي والخارجي ، والتي
أيضا تلوث الجو الخارجي والداخلي نرى تلك الأغاني والموسيقى الهابطة التي ملأت العالم ونرى
ميول معظم الناس إليها . فعندما تكون في حالة ضجيج أو ضوضاء أو ... التي تعكر الصفاء الداخلي
والخارجي لا تستطيع أن تستمع إلى فيروز ـ مثلا ـ أو إلى أم كلثوم أو إلى موسيقى بتهوفن أو ...
فستجد عند استماعك إلى مثل هذه الأغاني أو الموسيقى بالانزعاج أو ما شابه ذلك وهذا خلل فيك
وليس الخلل فيما تستمع إليه .
والعكس أيضا : فعندما تعيش حالتيّ الصفاء ـ تلك ـ تشعر بالنشاز المزعج لصوت مزعج أو لقصيدة
ركيكة أو ...
أو هنالك من يأكل العسل ـ مثلا ـ فيشعر بألم في معدته ، فيبتعد عن العسل ويقول إن في العسل خللا
ما أو هو يضرّ بالصحة أو ... لكن الخلل يكون في معدته وليس في العسل .
فإذا أردت أن تقرأ الشعر أو أن تستمع إلى الموسيقى أو ... لكي تعرف إن كان جميلا أو قبيحا ...
فعليك أن توجد الصفاء الداخلي والخارجي وهنا يكون الصفاء الخارجي في أكثر الأوقات هدوءا وهو
الليل أو الفجر
والصفاء الداخلي هو أن تكون في راحة نفسية وذهنية ولا يكون هنالك أمر
يؤرقك أو ...
وهذا غالبا يكون عند الاستيقاظ من النوم . لكن هنالك مؤثرات أخرى كالحب و الحرب والجنس
والدين ...
فعندما تكون عاشقا تتأثر بأي كلمة حب وتقدسها حتى لو كانت عادية جدا ... أو إذا كان يسيطر
الجنس على عقلك
فيجب أيضا خلع التعصب والتأثيرات الداخلية وتصفية القلب والعقل معا
وإذا أردنا أن نميز بين الأمور الإنسانية واللا إنسانية فيجب أولا أن نعرف تعريف هذه الأمور ثم علينا
أن نوجد الصفاء الداخلي والخارجي ، والصفاء الخارجي ـ بالنسبة لهذا الأمر ـ هو كما ذكرت سابقا ،
والصفاء الداخلي ـ هنا ـ في الرجوع إلى الطفولة
مثال : عندما يسرق أحدهم أو يرتكب جريمة ما أو يعمل عملا لا إنسانية ، هنا يصاب الطفل بحالة
من الذهول والبغض لذلك الشخص والابتعاد عنه وعدم مصاحبته أو التكلم معه أو ما شابه ذلك ، لكن
مع مرور الزمن عندما يكبر ذلك الطفل ويكون قد شاهد الكثير من هذه الحالات يصبح الأمر بالنسبة
له عاديا حتى أننا نراه يرافق ويصادق السارقين والمجرمين و .. ويكون الأمر بالنسبة له عاديا لأنه
يكون أصيب بهذا التلوث الداخلي أو البشري ، فأصبح الناس يسخرون ممن يتكلم عن أحد هؤلاء
باشمئزاز أو ذهول أو ... و صرنا نقول له : (( حسّاس زيادة عن اللازم ))
أيضا يقولون : إن الشعراء هم أطفال ، أو هم الأكثر بين الناس اقترابا من الطفولة .
وهنا أعود وأقول : لأن الشعراء هم أكثر الناس صفاءً
والآن أتكلم عن الأمور المثيرة جنسيا فأتكلم عن الحجاب مثلا (( وهذا الأمر لا يخص الحجاب
فحسب لكنه يشمل أشياء أُخرى منها
احتكاك الرجل بالمرأة عن طريق اللمس باليد كالمصافحة أو ... ، أو النظر إلى أجساد النساء ... ))
معرفة تعريف الإثارة الجنسية و إيجاد الصفاء الخارجي ، وإيجاد الصفاء الداخلي الذي هو ـ هنا ـ في
العودة إلى بداية سن البلوغ
فالإنسان البالغ حديثا هو المقياس الأدق بالنسبة لهذا الأمر .
وبالنسبة لهذا العصر المليء بالعهر وما شابه ذلك لا يستطيع أن يشعر الإنسان بتلك الإثارة ، مع أنها
تؤثّر فيه كما كانت تؤثّر فيه عند بداية بلوغه ، لكنْ لكثرة ما يراه ... لم يعد يشعر بذلك التأثير
فمثلا عندما يتلقى أحدهم ضربة ، يشعر شعورا نفسيا وجسديا بألم تلك الضربة وعندما يتلقى الضربات
تلو الضربات يصير الأمر عاديا بالنسبة له ولا يشعر بذلك الألم ، لكن الألم موجود لكنه تعوّد عليه فلم
يعد يشعر به .
فعدم غضّ النظر ـ بالنسبة للرجل ـ عن المرأة ، وعدم غض الجسد ـ بالنسبة للمرأة ـ عن الرجل ،
وما شابه ذلك ، وزّع الحب والقلب والشهوات والعاطفة ... وأصبح حب الزوجين لبعضهما ضعيفا ،
والشهوات والعاطفة , ... كذلك الأمر
ومنهم من يقول بأن هذه الإثارات تزيد من الشهوات وهذا مفيد للزوجين . أجل هي تزيد ويغدو هذا
الأمر هو الهم الوحيد أو الأكبر
لكن هذا الأمر كمن يرى دوما الأطعمة بمختلف أنواعها ويتذوق من هنا وهناك أو يشم رائحتها فقط
فيعود إلى منزله بشهوة كبيرة إلى تناول الطعام فيرى طعامه فيصدم منه ونراه يأكل بسرعة وشراهة
لكنه داخليا غير راضٍ عنه
ويفكر في تلك الأطعمة باللا شعور .
فهذه الأمور تجعلنا نتأثر جنسيا فنركض وراء شهواتنا وتحصر معظم تفكيرنا فيها
فعندما يلتقي الزوجان يكون كلٌّ منهما ممتلئا بالصور والأخيلة من جنس آخر
بالنسبة له : صور أجساد ووجوه باسمة ضاحكة غامزة متغزلة وحركات جنسيّة
أو مشاهد جنسية أو ...،
فيكون لقاءهما صدمة لكليهما (( دون الشعور بذلك )) وعندما يتحدثان يتحدث كل منهما دون شعور
مع تلك الصور والأخيلة وعندما يمارسان الجنس كلٌّ يمارسه مع صوره وأخيلته دون شعور ، وبما
أنهما حقيقةً يمارسون تلك الأمور مع بعضهما فهما لا يرتويان لا من الحب ولا من الجنس ـ دون أن
يشعران ـ وهذا يؤثر تأثيرا كبيرا على النفْس وعلى الجسد أيضا
فلكثرة هذا التلوث كثرت المشاكل الزوجية وذهبت المتعة واللذة في هذا الأمر وبدأ الحب يتلاشى
وأيضا كثرت الأمراض الجنسيّة أو التناسليّة ...
فتوزّع الرجل وتوزّعت المرأة وصار الزوجان عموميان