((جهلة الأربعين)) حق من حقوق المرأة

نسمع دائماً عن "جهلة الأربعين" عند الرجل، هي تحمل باستمرار وجهاً واحداً، خيانة الرجل لزوجته والتبريرات كثيرة: تجديد الشباب، ترفيه عن النفس، تغيّرات سيكولوجية وبيولوجية، لكن أقبح هذه التبريرات أن الرجل لا يمكن أن يكتفي بامرأة واحدة وهو بحاجة لتغيير طعم وجبته اليومية. في نظري هي محاولات يائسة لتجميل واقع بشع وفعل ذميم. وللأسف، فإن المجتمع يحاول أن يهضم هذه الخيانة بشكل أو بآخر، ويطلب من الزوجة الصبر وتحمل زوجها حتى يتخطى هذه المرحلة ويعود إلى رشده وعائلته وبيته. ولكن لـ "الصبر" المطلوب وجه آخر تحمله الزوجة: آلام الجروح والقهر الذي يطال روحها وتضحياتها، وآلام طعنها في صميم أنوثتها. بكلام أكثر وضوحاً يطلب المجتمع من المرأة تسامحها وغفرانها لفعل مشين تعرضت له من قبل زوجها.
تنام الزوجة والأم والأنثى على فراش من حرير، لتستيقظ في قلب عاصفة تجردها من كل صفاتها وتحيلها على التقاعد كزوجة ورفيقة درب في السراء والضراء، مهمتها مستخدمة لتربية الأطفال والاعتناء بالمنزل، فهي لم تعد أنثى يهتم لها زوجها، لأن جسدها لم يعد جسد الشابة الغض.. وإذا كان عليها أن تبدو امرأة عاقلة في نظر المجتمع، فعليها أن تتقبل واقع الحال بطيبة خاطر وأن تبقي البيت عامراً، أما إذا اختارت الطلاق ثأراً لكرامتها، فعليها وحدها أن تتحمّل أعباء هذا القرار وأن تضع نفسها في مواجهة مع مجتمع يلاحقها كظلها بـ "وصمة عار" ووصفها بـ "امرأة مطلّقة".
يعطي مجتمعنا حقوقاً للرجل تحميه، أما المرأة فعليها أن تتحمّل حكم وتبعات جرم لم ترتكبه بل ارتكبه الرجل بحقها.. ولكن ماذا لو قررت المرأة أن "جهلة الأربعين" هي أيضاً حق من حقوقها؟ امرأة عرفتها اتخذت القرار، ولأنها امرأة فقد راحت بالقرار وراح بها في مناحٍ مختلفة: هي لم تولد من رحم أمها، بل ولدت من أعماق والدها. في شهور ولادتها الأولى رفضت حليب أمها وكأنها أحست أنه يتدفق من مجتمع متزمت ومحاصر بعادات وتقاليد بالية. رضعت من عقل والدها تقدير العلم واحترام النفس ولاسيما احترام كونها أنثى، وأخذت منه حقها في إنسانيتها وروح التمرد على الكذب والغش والحقد.. ولكن منذ لحظة وفاته انحنى ظهرها وطأطأت رأسها سنوات وسنوات إلى أن حانت لحظة الثورة.
بعد سنوات طويلة من مزاولة مهنة الزوجة الكادحة، المضحية، الرصينة والمتعقلة، تاركة للزمن والمجتمع والزوج منحها براءة الذمة والتقدير، فوجئت بحكم لم تتوقعه: حق زوجها بخيانته لها، فكان قرارها المواجهة، وبدأت بمواجهة ذاتها الخاضعة والخانعة والمرتضية بالأمر الواقع. استيقظت صباح يوم باكر وبدأت تنفيذ القرار بثبات وعزم وهدوء.. ولكن بجنون جارف، ويوماً بعد آخر بدأ المجتمع من حولها يلاحظ التغيّرات في سلوكها، متسائلاً ماذا حل بعقل تلك المرأة؟
غيّرت لون شعرها، فمنذ طفولتها كانت الجميلة الشقراء، تخلت عن اللون وتاريخه ليصبح لون شعرها أقرب إلى السواد.
أعلنت رفضها لممارسة مهنة التدريس التي اختارتها لكونها تلبي احتياجاتها كزوجة وأم، وقررت العودة إلى مزاولة تخصصها الفني الذي عشقته وهجرته، وعادت إلى مقاعد الدراسة لترفع الصدأ الذي طال عقلها. عادت رسوماتها لتحتل الأمكنة غير آبهة بمن يعترض على الفوضى في المنزل, تغوص يداها في الألوان وتتسخ ثيابها بالأحمر والأصفر والأزرق والأخضر, وهي فرحة وسعيدة أنها أيقظت شعلة الابتكار التي انطفأت في داخلها لأعوام.
صار للرياضة حيز في حياتها، ترتدي يومياً الملابس الرياضية وسماعات الـ "ام بي ثري" في أذنيها، وتنطلق طوال ساعة في مشوار المشي السريع على أنغام الراب والروك والهيب هوب، وهي تغني وتتمايل برأسها من دون أن تلتفت لنظرات اتهامها بالجنون. وفيما كانت تسير لسنوات طويلة مطأطأة الرأس ومحنية الظهر أصبحت تسير اليوم كالزرافة، رأسها يكاد يطال السماء.. صارت تمشي بكرامة وشموخ يستفز الآخرين صارخة "أنا موجودة"، وراحت في رحلة استعادة الوجود إلى حب ركوب الدراجات النارية التي كانت تكرهها، لا بل أصبحت أسيرة تعلم قيادتها واقتنائها.
أما القرار الصاعق الذي كان بمثابة جريمة لا تغتفر بالنسبة لمن حولها، فكان عندما تمردت بطفولة على اسمها الرنان الذي حملته منذ ولادتها، ليكون القرار المستقل لها حتى باسمها الجديد. بفرح وسعادة قالت لمجتمعها إن رجلاً طاله الجهل في الأربعين من عمره لن يقتلها، وإن "جهلة الأربعين" حق من حقوقها مثل أي رجل، وكما منح تبريرات الخيانة للزوج، على هذا المجتمع أن يتفهم الثورة التي تمارسها، وعليه أن يتقبل عمرها كله وسنوات عمرها الأربعين والخمسين والستين.. وطالما أعطاها الله عزّ وجلّ عمراً.

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اخي حكمت سلامي لك:
انا من وجهة نظري اعتقد انه ليس هناك ما يسمى جهله الاربعين طالما نحن متمسكين بديننا واخلاقنا فالخيانه هي زنا وهذا مرفوض وحرام كبير في ديننا الاسلامي
اما من تربطه بزوجته حب وموده فانها بنظره دائما الامراه الشابه الفتيه
والرجل المخلص لزوجته لا يفكر ولا يخالجه الشعور بان يجرح زوجته
او يفكر بشيء يسمى خيانه ولكم جزيل الشكر
مع احترامي:طاهر

كلامك صحيح اخي طاهر

والحمد لله على نعمة الإسلام التي أنعم علينا بها الله عز وجل

شكراً لمرورك الطيب

أخي حكمت : ليضع الرجل نفسه مكان المرأة هل يقبل الرجل أن تفعل الزوجة ما يفعله هو ؟ الزوجة عندنا محاسبة على رمشة العين أما الرجل فيتفاخر بالخيانة أمام الآخرين مع العلم أنه والزوجة في ميزان واحد عند رب العالمين لهما نفس الثواب ويطبق عليهما نفس العقاب فلماذا يحق له ولا يحق لها ؟ عند هذه المحاكمة يدرك الرجل(اللعوب) كم هو ظالم لزوجته وكم هو مخطئ بحقها .. ودمتم
أخوك : حسان

كلامك صحيح أخي حسان

شكراً لحضورك الدائم في المواضيع

تقبل تحياتي