واجبات المرآة
إن نظرة الإسلام لحياة الإنسان وشؤون المرأة يمكن أن نقسمه إلى ثلاثة أقسام، وأنا سابقاً أشرت إلى هذا الموضوع، ولكن أحب أن أذكر مرة أخرى وخاصة فيما يتعلق بنساء بلادنا الإسلامية.
إن الذي يجب أن يكون له نشاط في هذا المجال (مجال شؤون المرأة) هم نساء مجتمعنا. إذ كان هناك قصور بحق المرأة المسلمين في المجتمع الإسلامية باعتقادي أن جزءاً منه يرجع إلى النساء أنفسهن، والجزء الآخر يكون بسبب الرجال، لأن الذي يجب عليه أن يعرف حقوق المرأة في الإسلام وأن يدافع عنها هي المرأة بالدرجة الأولى. يجب على النساء أن يعرفن ماذا يقول الله تعالى في القرآن الكريم حول المرأة وماذا يريد من المرأة، ويجب أيضاً أن يعرفن من الذي يحدد مسؤولية المرأة حتى تستطيع أن تدافع عن حقها بما يقوله الإسلام وفي إطار الإسلام، وإذا كانت المرأة بعيدة عن هذه الأمور سوف تسمح لفاقدي القيم الإنسانية أن يمارسوا الظلم بحقها، كما نلاحظ في المجتمع الغربي الخاضع للأنظمة المادية، وبالرغم من هذه الشعارات والهتافات بحق المرأة نجد أن أكثر الظلم الذي يُمارس بحق المرأة في هذا المجتمع هو من قبل الرجال، فنجد ظلم الأب لابنته والأخ لأخته والزوج لزوجته وحسب الإحصائيات والأرقام الموجودة وعلى المستوى العالمي نجد أن نسبة كبيرة من الظلم والتعدي يمارس من قبل رجال هذه المجتمعات الغربية بحق نساءه.
إذ لم تحلّ القيم المعنوية مكانها الطبيعي، وإذا لم تكن هي السائدة في نظام من الأنظمة، سوف تخلو القلوب من القوة المعنوية الإلهية وسيجد الرجل طريقه لممارسة الظلم بحق النساء مستعيناً بقدرته
الجسمانية المادية.
إن الرادع الحقيقي لممارسة الظلم يتمثل في الله والإيمان بالقانون.. وأيضاً في معرفة المرأة لحقها الإنسان والإلهي والدفاع عنه وسعيها لتحقيقه بكل معنى الكلمة.
إن المجال مفتوح أمامها بشرط أن تحافظ على عفتها وعفافها وأن تبتعد عن مسألة الاختلاط. إذن المجال مفتوح كل لمن المرأة والرجل. وهناك كثير من الكتابات الإسلامية تشير إلى ما نقوله وحتى الأوامر والواجبات الإسلامية في هذا المجال تحمّل كل من الرجل والمرأة مسؤولية اجتماعية واحدة كما ذُكر "من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم". هذا الخطاب لا يخص الرجال فقط بل يخاطب النساء أيضاً، على النساء أن يهتمن بشؤون المجتمع والعالم الإسلامي بل بكل ما
يحدث في العالم ويعتبر هذا واجب إسلامي.
وفي مجال الأسرة لقد أشرنا سابقاً إلى نشاط المرأة في مسألة التكامل المعنوي، وأيضاً أشرنا إلى الحكم النظرية الإسلامية بالنسبة لكل أنواع النشاطات الأخرى، أما في هذا القسم نريد أن نطرح مسألة دور المرأة الأسري يعني دور المرأة بصفتها زوجة وأماً، والأحكام الإسلامية في هذا المضمار قد وصلت إلى درجة من الوضوح والجلاء والرفعة حتى ليشعر الإنسان بالعزة والفخر
عندما يراها ويواجهها.
ومن واجبات المرأة داخل البيت والجو الأسري تربية الأولاد. إن البنات اللواتي يمتنعن عن إنجاب الأطفال بسبب نشاطاتهم خارج البيت، عملهن هذا يخالف الطبيعة الإنسانية للمرأة ورضوان الله تعالى.
إن اللواتي يعرضن عن تربية أولادهم أو إرضاعهم أو يحرمن أطفالهن من العطف والحنان الذي يمكن أن يجده أي طفل في حضن أمه وذلك بسبب بعض الأعمال التي لا تتوقف إدارتها عليهم، فليعرفن أنهن قد ارتكبن خطأ فادحاً. وإن أفضل طريقة لتربية الأطفال هو تربيتهم في أحضان أمهاتهن المملوءة بالحب والحنان والعطف، واللواتي يحرمن أطفالهن من هذا الحب والحنان فقد ابتعدن عن جادة الصوابن لأن هذا الحرمان لا يضر الطفل وحده بل يرجع ضرورة إلى
المجتمع كله، وهذا ما يُجيز به الإسلام.
ومن واجبات المرأة تربية أولادها تربية صحيحة ودقيقة وإحاطتهم بعطفها واهتمامها. عندما يصل كل من البنت والصبي إلى سن الرشد إذا كانت تربيتهم تربية صحيحة يكونون في مأمن من العقد النفسية والمشاكل والبؤس والشقاء والذلة والبلاد وكل هذه الأمور يبتلى بها أكثر شباب المجتمعات الغربية في أوربا وأمريكا.
إذا التزمت المرأة بالأسرة وتربية أولادها، وإذا اهتمت بإرضاعهم وإعطائهم الحب بأحضانها الحنونة، وإذا ما غذتهم الثقافة الصحيحة وعلمتهم الأحكام والقصص القرآنية والمواقف التعليمية والتربوية، وأيضاً إذا استفادت من كل الفرص والأوقات لتغذي أطفالها هذا الغذاء الجسماني، تستطيع أن تقدم للمجتمع جيلاً رفيعاً ورشيداً.
وكل هذه الأعمال التي تقوم بها المرأة لا تنافي مع طلبها للعلم أو ممارستها التدريس أو السياسة وغيرها من النشاطات الأخرى.
وصيتي لأخواتي العزيزات أن يزدن من كسب معلوماتهن. يجب أن يعتبرن الكتاب، المطالعة، الدقة، البحث، الدرس، المشاركة في حل المشاكل التي هي مصدر ابتلائنا اليوم، والاهتمام بالأعمال الدينية، يجب أن يعتبرنها جزء من اهتمامهن ومسؤولياتهن، مثلما يكون الرجال مسؤول عنها.. أنتن اللاتي تربّين الأولاد الصالحين.. أنتن اللاتي تشجعن أزواجكن للدخول في الميادين والمجالات الحسنة.. كثير من النساء يجعلن أزواجهن من أهل الجنة، وينقذونهم من مشاكل الدنيا والآخرة.
وعندما نشير إلى الأيدي العاملة يجب أن نأخذ بعين الاعتبار بأن النساء يشكلن نصف عدد هذه الأيدي في البلاد، لذا نقول إذا كانت هناك نظرة خاطئة في المجتمع بالنسبة للمرأة لا يمكن من خلالها تحقيق مسألة الإعمار وإعادة البناء الشامل.