الكتابة الأدبية هي نقش لجواهر بيانية، وطبعا فالنقش لا يتأتى لكل وارد، فما السبيل لتلك المعالي لمن اشتاقت نفسه اقتحامها وولوج مسالكها.
أولا :أتمنى أن أكون موفقا بشرحي عن كيفية الاقتحام في كتابة نص ما
ثانيا: سنحاول ضبط الأفكارالتي نريد تبليغها، بأسلوب سهل وبسيط؛
ثالثا:نعيد قراءة الأفكار وترتيبها ترتيبا يتناسق وبعضه بعضا؛ فنجعل منها:
- مقدمة تفصح عن المغزى الذي تسعى إليه، والدوافع التي حثت عليه، والعقبات التي واجهت الكاتب في جمع معطياته، وإبراز ما يصبو إليه.
- ومضمونا يفصل الموضوع إلى عناصرمتناسقة متراكبة فيما بينها.
-وخاتمة: تلخص المضمون، وما توصل إليه الباحث من زبدة بحثه.
رابعا:نعيد صياغة النص صياغة ثنائية نقسم الفقرات إلى سالبة وموجبة ،، ويتعاقبان إلى النهاية.
خامسا:نقتحم القراءة بحثا عن تطعيم النص بمضامين من علم المعاني: مثلا: أن نستعمل الجملة الاسمية عوضا عن الجملة الفعلية؟ أن نستعمل المصدر عوض الفعل؟ أن نستعمل الجمل الاستفهامية؟أو الجمل النافية أو المثبتة؟ وكيف توظف التوكيدات في مجالاتها؟ ما هو السبيل لتركيب جملة بأكثر معانيها وأقل ألفاظها؟ ...
سادسا:نقتحم القراءة مرة أخرى ، لكن بهدف تطعيم النص بالتشبيه والمجاز والكناية والاستعارات...؛
سابعا:كيف نمسح النص بعد كل ما سبق ، بمسحة بديعية تنثرالمقابلات والطباق، ورد الصدر على العجز وتوظيف السجع من غير تكلف، وغيرها من المحسنات البديعية...
وطريقة ذلك أن تبدأ بزرع الطباق والمقابلات داخل كل فقرة، إضافة إلى إضفاء المفعول المطلق توظيفا للجناس التام والناقص، وإضفاء الكلمات التي تشابهت رسما واختلفت معنى أو ائتلفت معنى واختلفت رسما...
وهنا تتفاوت الهمم، ويتسابق أولياء الصبر وطول النفس والحلم والحكمة في حبك النص وإدخال الصيغ المجازية سواء ما قرب منها ، وما بعد...
ثم المراجعة الأولى وترك الأمر يختمرلعل فكرة تبدو لتطعّم النص وتزيدها فائدة.
وإثر مهلة زمنية يظن الكاتب أن نصه قد أصبح جاهزا لعرضه على غيره، من المقربين له،...؛ وبعد إدخال ما استجد من نصائح يكون الموضوع قد شارف النهاية ،ليطفو برأسه على السطح ويخرج شطئه ليزداد النقاد له انتقادا...
ويبقى دوما الكمال لله...
وهذه التقنيات تتطلب منك إعداد:
- قاموس للطباق، والمقابلات؛
- وآخر للقوافي كما يفعل الشاعر عنداختيار كلمات قافيته، ومصطلحات ألفاظه،
- وأن لا تبتعد عن كتاب للبلاغة بسيط في مجاله، ييسر لك تذكير فنون البلاغة بأيسر السبل: سواء في علم المعاني، أو البيان،والبديع؛
والمراجعة الثانية: يعيد فيها الكاتب قراءة نصه لزرع التنقيط من فاصلة تفصل بين الجمل، وترادف المعنى، والألفاظ، ثم النقطة الفاصلة، وتأتي للتعليل، وهو بيان سبب وعلة الجملة، ثم علامات التعجب ونقطة الاستفهام، والنقطة النهائية للجملة، ثم الفقرة ...
وشيئا فشيئا يرتقي الكاتب من مقال إلى آخر، وقد حاول في كل مرة حبك نسيجه ونقشه بكل فنون البلاغة، وجميل التعبير، وأفصحه، وأبلغه، حتى يستوي سوق زرعه ويشتد أزره ليعجب الأدباء ويسلب نقشه العقول قبل القلوب.
تلك إذا هذه خطة للكتابة الأدبية أنشرها على عجل ، لربما يستفيد منها بعضنا ، و ينزرع الأمل في نفوسهم ، كي يستمروا في الكتابة و يقتحموا قلوبنا بنصوصهم الجميلة، دون استئذان
أتمنى للجميع الاستفادة و لكم الاحترام و التوفيق
د . نزار