الفوعة بين الماضي والحاضر ج1

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهنيء الأمة الإسلامية بذكرى مولد سيد الأكوان محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وكنت قد وعدت الأخوة بإرسال محاضرة الوالد مصطفى جواد عن تاريخ الفوعة وشخصياتها المؤثرة ولقد وجدت النسخة الرقمية وها أنا ذا أضعها بين يدي اهتمامكم وأرسلها على دفعات منعاً للملل ووصولاً للفائدة.

الفوعة بين الماضي والحاضر

تعريف :

الفُوعَةُ كما ورد ذكرها في معجم البلدان لمؤلفه ياقوت الحموي بالضم ولا اشتقاق له على ذلك وإنما الفَوْعَة بالفتح للطيب رائحته وفَوعة السم حمته وفَوعة النهار أوله وكذلك الليل وهي قرية كبيرة من نواحي حلب واليها ينسب دير الفوعة .

موقعها :
تقع في الجهة الشرقية الشمالية لمدينة ادلب على بعد /12/ كم .

تاريخها :

الفوعة كبقية قرى المنطقة موغلة في القدم وقبل العهد الروماني وللعهد الروماني فيها آثار رومانية كالقناة الرومانية التي كانت القرية تتزود بالماء من خلالها من عيون كانت موجودة في الجهة الغربية الجنوبية للقرية وكان فيها بناء ضخم كخزان للمياه تتجمع فيه من خلال القناة الرومانية المذكورة بني من أحجار كبيرة طولا وعرضا وسماكة وعلى شكل أقواس يسمى ( المصنع) وقد ردم بالأتربة .
وقد ورد ذكرها في العهد القديم والعديد من الكتب وعلى لسان الكثير من الباحثين وحسب ما ورد في كتاب الباحث الأستاذ فايز قوصرة :

من ابلا إلى ادلب ذكرت الفوعة باسم فوقيا في مملكة ابلا في القرن الثالث للميلاد وذكرت بنفس الاسم فوقيا في عهد الفراعنة في الألف الثانية قبل الميلاد وفي العهد البيزنطي ذكرت باسم فَعُ من عام/330 – 367/ م . أما في القرون الوسيطة من عام/ 638-1516/ م ذكرت باسم /الفوعة / ويشير الأستاذ فايز قوصرة في محاضرته :

ولايةُ الفُوعة في العهد المملوكي ومن خلال وثيقة اكتشفت في القاهرة إلى أن الفوعة كانت تتمتع بمركز إداري مميز لمدة قرنين منذ /القرن الثاني عشر وحتى الرابع عشر/م وكانت صلاتها قوية بالملك رضوان ملك حلب بسبب نفوذ أهلها في حلب احتلت من قبل الإفرنج عدة مرات وحررها صلاح الدين الأيوبي حظيت باهتمام ابنه /غياث الدين غازي / حيث جعلها ولاية خاصة به عام/1195/م وكان قد تولى السلطة عام/589 هـ - 1193م / وكانت مركزا هاما للدفاع عن حلب وقد أشار / القلقشندي / في كتابه (صبح الأعشى ) في حديثه عن عمل سرمين بقوله :

ومن مضافاتها ( مدينة الفوعة)وهي مدينة قرب سرمين وتسمى ( ولاية الغربيات ) وهي من اجل ولايات حلب أي من أفضلها وقد أثبتت الوثائق التالية صحة هذا القول إذ أصبحت ذات عمران وأوقاف كثيرة و يرتادها أصحاب العلم والفضل كما أشار ابن شداد كاتب سيرة بيبرس عام1285 /م إلى أنها كانت بيد ابن صلاح الدين غياث الدين غازي من ولايات حلب ( ولاية الفوعة ) وأشار كذلك صاحب مراصد الاطلاع إلى أنها قرية كبيرة بنواحي حلب ومن بعدهما وصفها شيخ الربوة سنة 1326 /م بعد أن زارها بقوله :
الفوعة ولها عمل حسن و كلمة عمل هنا تعني يتبعها قرى ومزارع لم يذكر اسمها وكان فيها قاض إلى جانب الحاكم فيها حتى أوائل الدولة العثمانية وكما جاء في تاريخ الملك لابن شداد الظاهر ص 326 وتهتم الوثيقة الخاصة بوقف السلطان حسن محمد بن قلاوون على مدرسة ( الرميلة ) بالقاهرة ( بالفوعة ) التي كانت تقدم من وقفها اثني عشر سهما 12 سهما من أربعة وعشرين سهما 24 سهما لهذه المدرسة المذكورة ولها ثلاث مزارع ومساحتها 60 ستون فدانا وذلك في سنة 760 هـ -1359/م وجبانةٌ ومصبنةٌ ومصبغةٌ وجامعٌ بناه القائد نادر أحمد ولكن لم يعرف تاريخ بنائه حتى اليوم وعددٌ من المساجد والمشاهد وزاوية الشيخ مهنا وأوقاف وحمام وهي ملك ورثة الأمير سيف بن فضل قرب جامع الفوعة الحالي وكانت علاقة الملك الظاهر طيبة مع الأمير شرف الدين بن عيسى بن مهنا كما يذكر الباحث الأستاذ فايز قوصرة في كتابه ( من إبلا إلى إدلب ) أن يعقوب البرادعي أسقف الرها وثاودور أسقف بصرى دعيا إلى اجتماع ديني عام لجميع رجال الدين من رؤساء أديرة ورهبان وكهنة عقد في دير مارباس في /بتبو/ بتاريخ 17/أيار سنة 567هـ وكان من بين المدعوين رئيس دير الفوعة فعُ /فوعا/ حبشابا وتعني عبد الأحد / .

من رجال الفوعة الأعلام :

1- الطبيب داود الفوعي الانطاكي .
2- فارس بن بركات أو بركات بن فارس ( المجن الفوعي ) .
3- الشيخ مهنا – الفوعي –
4- إبراهيم الحوراني .
5- الشريف حسين بن داود الفوعي .
6- أبو سالم الرابع ركن الدين .
7- تاج الدين بن محمد بن حمزة بن عبد الله بن محمد بن عبد المحسن بن الحسن بن زهرة بن الحسن بن عز الدين أبي المكارم حمزة الحسيني الاسحاقي الحلبي ثم الفوعي.
8 - القاضي حسن بن الموج الفوعي .
9- القاضي عماد الدين إسماعيل بن التيرباج الفوعي .

10- الطبيب داود الفوعي الانطاكي : ولد في الفوعة ثم ارتحل مع أسرته إلى إنطاكية وهو في سن السابعة تقريبا ولد بتاريخ 942 هـ وتوفي عام 1008 هـ عاش ستا وستين سنة ( 66 ) قال عنه الشيخ مصطفى الحموي /وهو من حماة /متوفى عام/1123/ في كتابه /فوائد الارتحال ونتائج السفر في أخبار أهل القرن الحادي عشر/ مستندا إلى ما جاء في أصل المصادر والمراجع كلها : الرئيس داود بن عمر الانطاكي الحكيم البصير الشيخ الإمام المميز على من له المزية المتوحد بأنواع الفضائل والمستفرد بعلوم الأوائل شيخ العلوم الرياضية ولاسيما الفلسفة والعلوم الحكمية وعلم الأبدان القسيم لعلم الأديان فانه بلغ فيه الغاية التي لا تدرك وانتهى منه إلى الرتبة التي لا تكاد تملك مع فضل في جميع العلوم وعلم لم يحو احد في عصره مثله وأدب يغض منه الناظر ويحار في وصفه الفكر والخاطر ويقول تلميذه الفاضل الشهاب الخفاجي في كتاب /ريحانة الأنباء/ سنة 977-1069 هـ في ترجمته : ضرير بالفضل بصير كأنما ينظر ما خلف ستارة الغيب بعين فكر خبير لم تر العين مثله بل لم تسمع الآذان ولم تحدث بأعجب منه / مُسائلة الركبان/.
إذا جسَّ نبضا لتشخيص مرضٍِِ عرض اظهر من أعراض الجواهر كل عرض فيفتن الأسماع والأبصار ويطرب بجسّ النبض ما لا يطربه جس الأوتار فسبحان من أطفأ نور بصره وجعل صدره مشكاة نور وكنت قرأت عليه الطب وغيره في سن الصغر فسمعت منه ما يغار له نسيم السحر ويطرب من لطفه نغمات الوتر ينثر فيه نثار العلوم على عرائس المنثور والمنظوم وكان يقول لو رآني ابن سينا لوقف ببابي / متوفى عام 428 هـ / وابن دانيال لاكتحل بتراب أعتابي / متوفى سنة 710 /هـ انتهى كلام تلميذه الشهاب الخفاجي وقد وصفه ولقبه المؤرخون بألقاب متعددة منها : الرئيس داود - الحكيم داود بن عمر البصير والطبيب الأكمه ( الأعمى ) والطبيب البصير الرئيس الضرير اعترافا بذكائه وعلمه رغم فقدانه نعمة البصر التي عوضها ببصيرة قلَّ من ينافسه أحد فيها وحظي بمكانة رفيعة في كل مجالس العلم في المدن التي زارها وضعته في مصاف الأطباء الأوائل بل ورأس الأطباء في زمانه وكانت اهتماماته تنصب على دراسة العوامل النفسية وأثرها على صحة الأبدان .
وتذكر له حادثة عجيبة من الحوادث الكثيرة المدهشة التي تؤكد معرفته الخارقة ودقته الفائقة فقد حكي أن الشريف حسن /932-1010/هـ من أشراف مكة المكرمة استدعاه لبعض نسائه فلما دخل قادته جارية ولما خرجت به قال للشريف حسن : إن الجارية لما دخلت بي كانت بكرا ولما خرجت بي كانت ثيِّـبًا فسألها الشريف حسن وأعطاها الأمان فأخبرتْهُ أن فلانًا استفضها قسرًا فسأله فاعترف بذلك وله كتب كثيرة قد يتجاوز عددها الثلاثين ومنها كتابه نزهة الأذهان في إصلاح الأبدان تحقيق وشرح وتعليق الدكتور محمد ياسر زكور وقد أفدنا منه الكثير مما مر ذكره عن داود الانطاكي في بحثنا هذا وداود الانطاكي شاعر مجيد أيضا وقد رأيت أن أمتع أسماعكم بشيء من شعره العذب الجميل الذي يؤكد عمق مشاعره وإحساسه وقوة لغته وأفكاره فاخترت لكم الأبيات التالية: يقول :
هواكِ مازج روحي قبل تكوينـي
وأنت ظلما بنار الهجر تكويني

صبرت فيك على أشياء أيسرهــا
ذهاب نفسي وقوم عنك تلويني

قد حل عقد اصطباري طول هجرك لي
وليس غير وصال منك يبريني

ويقول :
وإن لم تزرني أو تمن بنظرة
وينعم دهري بالذي أنا آمل

فيا موت زر إن الحياة ذميمةٌ
ويا نفس جدي إن دهرك هازل

ويقول :
أقول لها هل تسعفين بزورة
مريضًا كواه البين بالهجر والسقم

فقالت إذا ما فارق الروح زرته
لأن محالاً جمع روحين في جسم

وأختم بهذه الأبيات :
نظرت إليها والسواك قد ارتـــوى
بريق عليه الطرف منِّيَ باكي

تردده من فوق در منظـــــم
سناه لأنوار البروق يحاكـي

فقلت وقد تفطر قلبي غـــيـرة
أيا ليتني قد كنت عود أراك

فقالت : أما ترضى السواك أجبتها
وحقِّكِ مالي حاجة بسـواك

ويروى أنه مات مسموماً.

ماشاء الله اخي حسان بار? الله ب? معلومات ?افیة ووافیه جزا? الله ?ل خیر .... منتدى الفوعة

الاخ والاستاذ الكريم : حسان

اشكرك من اعماق قلبي على هذه المعلومات الرائعة جدا وننتظر المزيد الذي وعدتنا به

مع التقدير :باسم زين

انا اشكرك اخ حسان على هذا الموضوع المميز وسوف اتباع حلقاته

اجدد شكري

نشكر الا خ حسان
وادعو جميع الاعضاء لقراءة هذه الصفحة

موضوع: رد الإثنين يناير 31, 2011 4:40 am

من أبجديات الثقافة أن يهتم المرء بتاريخ بلده وعلمائها وسيرة حياتهم ، وهذا أقل ما يمكن أن نقوم به اليوم .
لقد برزت بلدتنا بهؤلاء العلماء ، الذين كانوا أركاناً لمن خلَفَهُم في مجالات شتى من العلوم .
ولا أدري ألهؤلاء العلماء موروث محفوظ في بلدتنا أم لا ؟
.......

أشكر الأخ حسان جواد على هذا الموضوع الهام ، وأشكر الغالي حيدر الشيخ لدعوته الطيبة .
وكما قال الإمام الشافعي :
قد مات ناس وما ماتت مكارمهم ...... وعاش ناس وهم في الناس أموات

هؤلاء الذين عملوا على تأسيس الفكر المذهبي والعقائدي ، لابد لنا أن نعطيهم ولو جزءاً من حقهم ، بالدعاء لهم ، والحث على إعادة إحياء سيرة حياتهم ، وأدعو كل من لديه مراجع نصية حول هؤلاء المفكرين أن يقدمها لنا تفصيلاً ، على صفحات هذا المنتدى .
........
دمتم برعاية الله وحفظه

كل الشكر لك أخ حسان على هذا الموضوع القيم الذي يسلط الضوء على تاريخ مدينة الفوعة وبعض الشخصيات المميزة أصحاب العلم والفكر والأدب والتي تميزت بأبداعهم وتقافتهم وعلومهم وها نحن نراها اليوم كذلك بأبداع وتقافة أبنائها وشبابها

» الفوعة بين الماضي والحاضر ج2
» الفوعة بين الماضي والحاضر ج3
» الفوعة بين الماضي والحاضر ج4 والأخير
» عضو جديد في منتدى الفوعة ولكن قديم في حب الفوعة
» الفوعة"... بلدة الأعلام والمشاهير